الاقصى
#navbar-iframe { height: 0px; visibility: hidden; display: none; }

Sunday, December 13, 2009

بينما.. للشيخ حامد العلي..!ـ

كالعادة... حين يكتب شيخنا الفاضل حامد العلي حفظه الله وبارك لنا فيه.. ليس لامثالي الا ان يقراوا وينشروا.. ويدعو للشيخ ان يزيد من امثاله..!
بالمناسبة على الهامش.. فتواه في مسالة الاختلاط في التعليم.. هي من افضل ما قرات في الباب "واللنك الخاص بها في اول المقال قبل بدايته".. ولا اعلم من يقصد تحديداً لكني اظنه يقصد علماء السوء ممن طبلوا وزمروا لطاغية السعودية حين افتتح اول جامعة مختلطة منذ اشهر.. وكذلك بعض امثالهم في الكويت وغيرها من بلاد الاسلام..!
اترككم مع الشيخ حفظه الله..!
---------------
http://www.h-alali.cc/m_open.php?id=9e4a7050-e711-11de-9537-40f6147e3ebd

فتوى الرد على الذي اباح الاختلاط في التعليم "هنا"

بينمـا!!
حامد بن عبدالله العلي
بينما يفتتح الصهاينة قبالة الأقصـى متحفا لما أسموه ( الهيكل الثالث ) ويضعون فيه كلَّ أباطيلهم في أحقيتهم الزائفة بالقدس ، ويسارعون في بناء المستوطنات لتهويد القدس ، تقوم سلطة عباس بإفتتاح مسابقة ملكة جمال فلسطين !! وملكة جمال فلسطين الحقيقية هي أم نضال خنساء فلسطين أم الشهداء هنـا
بينما حارب الصهاينة غزة بما أسموه ( الرصاص المصبوب ) ، فصبَّ الله عليها الثبات ، والعزيمة ، حاربوها للقضاء على المقاومة فيها ، اعترفـوا اليوم ، وقبل مضي سنة على هذه الحرب ، بأنَّ المقاومة في غزة ازدادت قوةً ، وإصراراً ، وأصبحت أكثر خطراً ، قال الحق سبحانه : ( ولما رأى المؤمنون الأحزاب ، قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله ، وصدق الله ورسوله ، وما زادهم إلاّ إيماناً وتسليماً ).
وبينما زجت سلطة عباس دايتون بأبطال المقاومة من حركة حماس في سجون الضفة تحت نير التعذيب ، للقضاء على المقاومـة ، ولإسترضاء الصهاينة ، والأمريكان ، اعترفوا أخيرا لو نظمت إنتخابات في الضفة تفوز حماس ، وأنَّ شعبيتها ازدادت أضعافا مضاعفة ، وهذه هـي ثمار الصبـر ، والثبات ، والتضحيـات
بينما يطالب أهل غزة المنكوبين بكلّ أنواع الحصار ، بإنقاذهم من خنق الصهاينة لغزة ، يسارع النظام المصري بالإستجابة ببناء جدار حديدي تحت الأرض في رفح لمنع حفر الأنفاق !!
بينما أعطى عباس كلَّ مافي جعبته ، وجيوبه ، وذمته ، حتى أصبحت خربة من كلِّ شرف ، أعطاه الصهاينة والأمريكيون ، صفعات على وجهه ، بدأت من فضيحة غولدستون ، وإنتهت بتوسيع المستوطنات ، وأخيرا قالت صحيفة التايمز الأمريكية : حان الوقت لتغيير هذا الحمار !!
بينما تنتظر الشعوب العربية عقوداً للتخلص من طاغية ، وكلَّما اشتعل رأسه شيباً استرجعوا أحلامهـم بالتغيير ، والتنفيس ، يفاجئهم هـو بالتوريث !!
بينما تثور الشعوب عندما يمتهن كرامتها الأجنبي المحتل لأرضها ، يثـور آخرون من أجل الكرة ، ثم يظهـر فجأة حرص النظام على كرامة المواطن ، وهو نفسه المواطن الذي تُدخل في دبره العصيّ في سراديب البوليس !!
بينما يمدُّ النظام العربي يده الذليلة بما أسماه السلام للصهاينة ، يبصق الصهاينة في أيديهم من دماء الفلسطينيين ، ويزيدون من إبتلاع أرض فلسطين ، بمشاريع التهويد ،والإستيطان .
بينما حارب التحالف الصهيوصليبي ، ووسائل الإعلام العربية التابعه له ، روح المقاومة ، ولايزال يحاربها ، ويشوه صورة الجهاد على نطاق واسع ، لاتزال الفكرة الجهادية تنتشر في الأمة انتشار النار في الهشيم بحمد الله تعالى.
بينما أشعل الأعداء حربا شعواء على النقاب في مصر ، يزداد في المحروسة أرض الكنانة ، بصورة مذهلة ، حتى إنَّ بعض الأخوات عندما يطلب منها نزع النقاب في صالة الإختبارات النهائية ، ترمي بأوراق الامتحان في وجه الأستاذ ، وتخرج شامخة بنقابها ، فيطلب منها الرجوع مترجيا أن تكمل إختبارها بنقابها ، فالله أكبـر .
بينما حورب التدين ، في تونس حربا لا نظير لها في العالم ، هو آخذ في الإنتشار في الرجال ، والنساء ، والشباب ، والشابات في تونس الحبيبة ، وكذلك المغرب العربي المبارك بأسره ، بحمد الله تعالى .
بينما حظرت الأنظمة الخائفة من الإسلام ، كلمة الحق من المساجد ، وغيرها من تجمّعات المسلمين ولاحقـتها ، رفعها الله تعالى إلى الفضـاء فنزلت على رؤوس الأنظمة من فوق الغلاف الجوي عبر الفضائيـات ، حتى إنَّ بعض الفضائيات تنشر العمليات الجهادية ،
وأدخلها الله تعالى البيوت من وراء الحيطان التي ( لها ودان ! ) فـي أسلاك الهاتف عبر الإنترنت ، فشاعت ، وذاعت ، وانتشرت ، فطوقت ، وحاصرت ، من كان يريد حصارها ، فسبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم .
بينما تجتمع (الرمَّة ) الخليجية لترسل رسالة إلى إيران ـ كما تقول ـ اجتازت إيران مسافات بعيدة المدى في إختراق هذه الدول ، وتطويقها ـ لاسيما بعدما أهدتها دول الخليج العراق وأفغانستان مجانـاً !! ـ وخطت خطوات واسعة في سبقها إلى تحصيل وسائل القوة ، والسيطرة ، والتأثير الإقليمي ، والعالمي ، والمعلوم من السياسات الحازمة إرسال الرسائل قبل وقوع الكارثة وليس بعدها ! أما بعدها فالنهوض لحربها ، وقطع دابرها ، وليس إرسال الرسائل !!
بينما تنطلق قوافل إغاثة غـزَّة من لندن ، وتقطع أوربا لتصل إلى غزة ، بعد معاناة في المحطة المصرية ! لاتزال البلاد العربية تفضل التفـرُّج !
بينما يحارب ساسة الغرب الإسلام ، ويمعنـون في تشويه صورته ، حتى حظر المآذن في سويسرا ، والحجاب في فرنسـا ، يزداد الإسلام تألُّقـا ، ويزيد بوتيـرة متصاعدة ، وينتشـر إنتشاراً عجيبا .
بينما يحارب الغرب الجهاد الأفغاني بدعوى القضاء على حركة إرهابية مفسدة ، هو يحمي حكومة كرزاي الفاسدة ، وبإعتراف الناتـو ، وما هي إلاَّ عصابات مجرمة ، وفاسدة ، فإنتشرت المخدرات ، والجرائم ، وإنتهاك حقوق الإنسان في أفغانستان بما لم يسبق له مثيل قـطّ في تاريخهـا!!
وبينما قضي الناتو ثمان سنوات في حربه لحركة طالبان ، وأنفق أكثر من 300 مليار دولار ، هـي لاتزال تذهل العالم بثباتها ، وسرعة إنتشارها ، وحكمتها في إدارة الصراع ، وقدرتها على إبقاء سمعتها ، ومستوى قبولها الشعبي في أفغانستان .
بينما تآمرت أمريكا مع إيران على العراق للقضاء على شموخه بإصراره على مواجهـة الأطماع الصهيوصليبية في المنطقة ، يزداد العراق ثباتا ، وصمودا ، وفخرا بمقاومته للمحـتل ، وإلتفافـا حول مشروع التحرير ، وضرب العراقيون أروع الأمثلة في التاريخ المعاصـر لشعب مجاهد بطل يأبى الإنقيـاد للأجنبي .
بينما أعطت حكومة باكستـان كلِّ شيء لإرضاء أمريكا ، تسعى أمريكا لتفكيك باكستان ، وإضعافها ، وتمكين الهند ـ عدو باكستان التقليدي ـ من التفوُّق على باكستـان ، وعندما أغرت أمريكا الحكومة الباكستانية لكي تقتل شعبها في وادي سوات ، ووزيرستان إرضاء لرغبة أوباما في كسب سياسي ، عاد عليها فعلُها بالويل والثـبور ، حتى قال وزير داخلية باكستان إن الهند تقوم بعمليات تفجير للتخريب في باكستان !
بينما تسارع إيران بنشر الفكر الباطني المسيَّس، وتنفق عليه المليارات ، لتحارب الدول السنية ، وتنشئ من وسائل الإعلام عددا هائلا لتحقيق هذا الهدف ، تكتفي هذه الدول بالتفرج على قناة واحدة هي قناة (صفا) المباركة ـ مؤسسها هو شخص غيور على دينه ـ والحال أن إمكانات فتح عشر قنوات فضائية مثل (صفا) سهلة ، وميسرة.
بينما تبدأ المجتمعات بخطوات الإصلاح ، بالإصلاح السياسي وذلك بكسر إحتكار السلطة وتوريثها ، إلى توسيع دائرة إشراك النخب ، وأهل المشورة ، وتمكين أهل الأمانة من إدارة الدولة ، ومحاسبة السلطة برقابة علنية ، وإطلاق حرية التعبير ، وبالإصلاح المالي بمحاربة الفساد ، ووقف الإستئثار بالثروة ، والقضاء على البطالة ، وتوفير فرص العمل ، والحياة الكريمة لضعفاء المجتمع ، والإصلاح الإجتماعي بنشر العدالة الإجتماعية ، وحفظ حقوق الإنسان ، والإصلاح القضائي ، وبتطوير الخدمات العامة ، والبنية التحتية .
بينما تبدأ المجتمعات بخطوات الإصلاح بهذه الأمور ، نبدأ نحن بـ (تخليط) الشباب بالشابات في التعليم !! وكلُّ شيء سواه في ضياع !! يا لهـا من عبقرية في اللحاق بالعصر !!
بينما تفرح المجتمعات بالإنجازات ، والتنمية ، وتحقيق التطور ، وتحسين أحوال الشعوب ، طار الكويتيون فرحـاً لمجرد أنَّ رئيس الحكومـة ( صعد منصة ) ، والحال أنَّ كلّ شيءٍ على ما هو عليه من سوء إدارة الدولة ، وإنتشار الفساد ، وتردِّي الخدمات ، فما الفائدة ؟! والله شيء عجيب فعلا !
وعندما طلب منّي بعض المتابعين للشأن المحلي تعليقا على العملية السياسية في الكويت ، قلت له : لا ترقى إلى أن توصف بعملية ، هي عبث سياسي ، صوته عالٍ ، وإنجازاته موهومة ، وذلك مثل ربة بيت تسمع جعجعتها طوال الصباح في المطبخ ، وقرقعـة أصوات الأواني لا تخفى على الجيران ، وعند يجيء وقت الغداء لاغـداء لبيتها !!
بينما ثمة أمور كثيرة لها داع في الحياة ، هناك أمور ليس لها داع ، مثلا آلة الطباعة القديمة ، ودفتر الجيب لأرقام الهواتف ، وجامعة الدول العربية ، والجيوش العربية ، ومجلس التعاون الخليجي ، والأحسن أن نقول : النظام العربي الرسمي برمّته !
الله المستعان ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، نعم المولى ونعم النصيـر


Labels:

خلل الموازين

خلل الموازين..!

مقال قديم كتب منذ قرابة الشهر ونصف

خلل الموازين...عندما..!
عندما تثور الفضائيات ويثور الدعاة والعلماء لاسبوعين كاملين او اكثر وتشحذ طاقة الوف الشباب على الانترنت وغيره من اجل الرد على من لا يستحق بشان النقاب.. في حين لا نسمع من شخص واحد كلمة واحدة في 40 الف اسرة تعيش في العراء في قطاع غزة بسبب عدم السماح بادخال الاسمنت والحديد ومواد البناء منذ الحرب على غزة..!

يا ترى لو تم حشد كل هذه الطاقات التى حشدت في معركة النقاب-- في حملة ضخمة لحث الناس على التبرع وللضغط من اجل ادخال مواد البناء ل 40 الف اسرة تعيش في الخيام... بانتظار شتاء وبرد قارص وامطار منهمرة ..كان سيتغير تماماً..!

خلل كارثي ان يتنفض الالوف من اجل نقاب يغطي الوجه --وهو حقهم--.. فيما ينظرون بصمت ولا مبالاة لاخوات يعشن في العراء بلا دورات مياة وبلا اى خصوصية وبلا اى حرمة للنساء..!

والمشاكل الداخلية للاخوان وتصعيد العريان... والتجهيز لانتخابات العام القادم... ينشغل بها الجميع وينسون الاصل..!

والاقصى... تقوم الدنيا ولا تقعد من اجل النقاب.. وصمت غريب لما يحدث للاقصى..!

حقيقة خلل رهيب.. خلل كارثي..!

ربما لو سالت عشرات الشباب عن حال اهل غزة الان سيجيبك بانه لا يعرف...!

اى خلل هذا..!

مشكلة.. بل كارثة.. عدم تقدير الامور والاولويات حق تقديرها.. وعدم اعطاء كل امر حجمه..!

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول: (ما أطيبك وأطيب ريحك ما أعظمك وأعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك ماله ودمه وأن نظن به إلا خيراً) رواه ابن ماجة وصححه العلامة الألباني في صحيح الترغيب 2/630.

لو فهمنا واستوعبنا هذا الحديث.. لحلت المشكلة...!
فاعجب من امة تنتفض لرسومات ولا تنتفض لالوف يقتلون..!
واعجب من امة تنتفض لنقاب... ولا تنتفض ل 40 الف اسرة تعيش في العراء..!

الشتاء قادم... تذكر هذا وانت تتدفئ تحت الاغطية... في بيتك وسريرك المريح.. فيما غيرك ينامون في العراء..!
فقط تذكر انك مطالب ان تتحرك لهم مائة ضعف ما تحركت للنقاب ولفريقك داخل الاخوان ...!

خلل كارثي.. قاتل..!

**هذا لا يعني تقليلنا من اهمية انتفاضة الامة من اجل الرسومات او النقاب او غيره... لكننا نستنكر الخلل في الموازين الذي يجعل البعض يبذل اقصى جهده من اجل الرد على من لا قيمه له.. في حين ينظر بلا مبالاة لاناس تقتل والوف تعيش في العراء دون ان يفعل لهم شيئاً ويتصنع العجز
...!







معذرة هل حدثتكم عن الذباب ام نسيت؟؟؟؟

يا ترى كيف يضع كل منا طفلته... وهل يرضى لهذا الذباب ان يقترب منها..!





معذرة... نسيت ان احدثكم.. عن مياههم المثلجة...!



وعن مدارسهم الفاخرة...!



وعن بيوتهم التى لا تنتهي غرفها....!







اما هذا... فهو البلكونة الخاصة بقصورهم..!









معذرة نسيت ان احدثكم عن مساجدهم....!









اما الاقصى...!


صور الحفريات ,,,,تحت الاقصى ,,,,

[][/IMG]

[IM
[

[IMG][/IMG]

[IMG][/IMG]

][/



[/

[IMG]

]



[IMG][/IMG]

[IMG][/IMG]

[IMG][/IMG]

[IMG][/IMG]

[IMG][/IMG]

[IMG][/IMG]

[IMG][/IMG]

Labels:

اليقين...!ـ

اليقين..!

إليها.. اخت من الاقاليم.. من عائلة بسيطة.. ليس لها واسطة في هذه الدنيا ولا حامي الا الله عزوجل.. ثم يصدر هذا القرار.. فترتبك.. تتالم.. لا تدري ماذا تفعل..!

اليها..اخت اخرى.. ارتدت النقاب بعد حرب مع اهلها..حتى اصبحت وحدها في صف والعائلة في صف ثم جاء هذا القرار ليكون الفصل في قرار العائلة ومبرراً لها...فتكون وحدها.. ليس لها الا الله عزوجل..!

اليه.. اخ.. في زمن الازمة المالية الحالية وفي ظل توقف معظم الشركات العالمية عن قبول افراد جدد.. ثم يترائى له فرصة هنا وهناك.. فمؤهلاته تجعل الكل يريده.. لكنه حين يذهب ويتجاوز الانترفيوهات واحدة تلو الاخرى بنجاح.. تاتي الاخيرة تصدمه عبارة.."نحن نريدك بشدة..لكن من فضلك.. احلق لحيتك.."..

اليه.. اخ اخر وربما هو نفسه من تكرر معه الحالتين..يجد هذا البنك وذاك يعرضون عليه مرتبات تفوق مثيلاتها..فتخالطه المشاعر والافكار..وثالث يجد كل ما حوله فساد في فساد ورشئ وغش..وربما تخاطره خواطره.. يعني انت الي هتصلح الدنيا...!!

اليهم جميعاً والى غيرهم. ممن يتعرضون للابتلاء في سبيل الله عزوجل..رسالة ثبات..!

آلمني بشدة ما يحدث الان.. اخوات ربما على اعتاب الانتهاء من كلية طب بعد معاناة ومشقات.. وغيرهن.. يتعرضن لاقصى معاناة.. فهم بين نار الاهل.. وبين نار الكلية..!

ويؤلم اكثر.. هؤلاء الفتيات البسيطات الفقيرات.. اللواتي ليس لهن ملجا الا الله عزوجل ورحمته..!

كم تؤلم هذه الاخبار.. وكم تؤلم هذه الفيديوهات التى تبثها القنوات عن معاناتهم..!

ربما ينظر الكثيرون الى هذا الامر ببعض التهوين.. ويقول "ما يخلعوه وقت الامتحانات وخلاص".. والامر ليس كذلك مطلقاً.. وربما لا ينفع معه الشرح.. القصة ان الاغلب سواء من ياخذون بفرضيته او استحبابه.. يرون ان هذا الامر شئ اساسي في حياتي.. لا يمكن تخيل النزول بدونه مثلاً..!

نفس الامر الذي يحدث عندما تؤمر انت شخص بحلق لحيته ... الامر ليس سهلاً عليه ومن الصعب عليه تنفيذ هذا الامر بشدة..!

لكن والله لهذا الامر حلاوة لا تجدها في شئ اخر.. مسالة استشعار انك تبتلى في سبيل الله عزوجل.. استشعار انك تبتلي لانك تسير في طريق الله عزوجل.. استشعار انك ربما يعني ان ثبت على هذا الابتلاء البسيط الذي لا يقارن بما عاناه الصحابة.. ربما يعني تحاول اللحاق بهم وتلتمس السير على طريقهم..!


فتقابلين عائشة وسمية وام سلمة وغيرهن.. وتقابل انت خالد وطلحة وابو عبيدة وابو بكر والفاروق وحمزة.. وربما تتوارى خجلاً وتقول ياليت مزيداً من الابتلاءات.. ولكن تشرح لهن وانت كلك خجل عن جهدك المتواضع المقصر لكي تسير على دربهم... وكيف ان كل الناس كانت تسير في طريق... وثبتك الله عزوجل فكنت صامداً قوياً معتصماً بالله عزوجل في وجه الطوفان..!

تجد في قلبك حلاوة الانس بالله عزوجل والبكاء بين يديه والاعتصام به.. وتستشعر روح الصلاة من كل قلبك.. وانت تحمده وتسبحه.. وتسجد بين يديه.. وتدعوه من كل قلبك وتناجيه..حلاوة الانس به.. وقت ان تستوحش بين الناس.. فيهاجمك هذا ويطعن فيك ذاك ويتهمك ثالث بالتشدد..!

حلاوة الانس به هذه.. لا تشترى بمال الدنيا.. ولا توصف.. حين تستشعر هي ضغط الاهل وظلم القرارات وسوء التعامل في المجتمع.. فتؤوي اليه في جنح الليل في غرفتها.. لتناجيه وتبث شكواها وتعاهده على عدم التنازل..!

حلاوة الانس حين تترك بارادتك اسماء كبرى بل هي الاكبر كنت تتمنى العمل معها.. فقط له..لكي يرضى..!

حلاوة الانس..حين تستشعر الغربة في مجتمعك.. بين اهلك .. واصدقائك.. وزملائك في العمل... ثم تنتظر بفارغ الصبر سجود بين يديه...لتخبره.. انك راض.. مستلذ بطاعته..!

يحضرني دوماً قول السيدة هاجر "آلله.. امرك بهذا...؟!".. فتكون الاجابة الواثقة ..."اذن لن يضيعنا الله.."..!

يعني انتى متخيل ترحله وتلجا اليه وتبكي بين يديه.. وتناجيه... ثم يخذلك... حاشاه والله..!

وهل تتخيل نفسك تبتلى في سبيله.. ثم يتركك.. ويخذلك.. حاشاه والله.. اين ظنك به "انا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء.."..!

والله ما كان ليخذلك وانت تطيعه.. وما كان ليخذلك وانت تسعى لارضائه.. وما كان ليخذلك وانت تقف بصمود في وجه كل من يعاديه وتقول له من اجلك فقط ربي..!


بس نكون عندنا يقين بجد.. مش يقين باللسان فقط.. والقلب فيه جرح ولسان حاله يقول طب ده انا ماشي كويس ليه اتبهدل والماشين غلط ميحصلهمش حاجة ويكون هناك عدم رضا من القلب وعلى لسانه ينكر ذلك قطعاً.. يقول بن القيم في هذه المسالة "ونفسه تشهد عليه بذلك ولسانه ينكره ولا يتجاسر على التصريح به ومن فتش وتغلل في معرفة خبائن النفس راى ذلك فيها كامنا..!"...

والله ما لجات له يوماً متيقناً به اخذاً بالاسباب وخذلني..وانظر انت ايضاً وستجد كذلك..!!!

ثم انك تجد وانت في وسط المعمعة ووسط الابتلاء.. تستشعر وكانك تجد لفتات حانية.. من الحنان المنان..!

قد تكون بسيطة.. لكنها تذكرك دوماً بالحنان وتثبتك وقت ان يكون قلبك يحتاج الى مزيد من الاطمئنان والتثبيت..!

عن تجربة شخصية.. منذ قرابة شهر ازاداد الضغط بشدة على في مسالة اللحية وكان كل ما ياتيني من وظائف اما لها علاقة ببنوك او حلق لحية.. وكلها بعد ان تجتاز امتحانتها.. ساعتها مرت علي عدة ايام كنت متضايقاً بشدة حتى انى اذكر انى كنت في قسم الشرطة مرة مع شقيقتي لتخرج البطاقة..فالرجل نظر الى بطاقتي بدون لحية وحاول الاستخفاف وهو يقارن بين الصورة والشخص.. اعتقد انه بعد ما حدث له سيتعلم التدقيق جيداً في كل حرف حين يخاطب ملتحي بعد ذلك.. الرجل ذهل من رد الفعل واظنه قد تعلم الدرس جيداً..في الحقيقة ندمت على ما فعلته معه هكذا فليست من شيمنا الرد بهذه القسوة وهذا العنف في الحديث.. لكن الضغوط كانت ثقيلة بالفعل ولم يكن الامر يحتمل.. المهم وسط كل هذه الامور بعد هذا الامر بيومين.. كنت واقفاً صف ثاني امام سوبر ماركتش شهير منتظر شقيقتي والدنيا زحمة امامه دوماً ودوماً بجواره يقف امناء شرطة المرور.. فعندما وقفت جائني احدهم كان كبيراً في السن قليلاً.. ظننت في البداية انه سيطلب مني الانصراف.. الا انه وقف بجوار الزجاج وقال بابتسامة فيها مودة.. هو حضرتك شيخ ؟.. قلتله لا انا مهندس.. قالي "اصل انا بحبكم اوي "يقصد الملتحين".. والله بحبكم اوي من كل قلبي... وجيت بس عشان اقلك كده.."ثم انصرف ..انا ذهلت.. وكانه اتى ليوصل رسالة وينصرف..!

يااااا الله..والله كأن كلماته نزلت برداً وسلاماً على قلبي..كنت اود ان انزل من السيارة واقبل راسه واقول له جزاك الله عني خيراً..موقف بسيط للغاية.. لكنه في غاية التاثير.. يثبت القلب..!


ودون الدخول في تفاصيل تتوالي هذه المثبتات واحدة تلو الاخرى وانت تستشعرها .. في لفتات حانية.. من الله عزوجل.. انه معنا ولن يتركنا.. او يخذلنا..واسالوا اى اخت تتعرض لابتلاء النقاب هذا وستقول لكم انه ربما تعيش لحظات افتقدتها منذ فترة طويلة..!

ستمضي الايام.. وستذكرين جيداً هذه الايام مع صحبياتك وتضحكون على مواقف عصيبة مرت عليكم.. لكنها ستمر وباذن الله وانتِ ثابتة... وستمر باذن الله وانت ثابت.. لا تتردد ولا تتنازل.. ولا تكون لقمة سائغة لمن اعلن العداء لله عزوجل..!


ستثبتين وتختارين ارضاء الله عزوجل.. وهو يقيناً سينصرك.. فهم قوى واهنة ضعيفة.. يقول الاستاذ سيد "فما تكون الأرض كلها ؟ وما يكون الناس ؟ وما تكون القيم السائدة في الأرض ؟ والاعتبارات الشائعة عند الناس ؟ وهو من الله يتلقى ، وإلى الله يرجع ، وعلى منهجه يسير ؟"

انتِ في صف الله عزوجل فما يضيرك بعد هذا..؟.. فاثبتي بالله عليك.. اثبتي فكل من حولك ينظرون اليك.. ويعجبون من ثباتك على الحق في وقت اثر فيه الجميع السلامة..!.. اثبتي رعاك الله.. واثبت اخي فوالله سيعوضك الله يقيناً..!

اخي تراك ان فعلت ما يريدون..ايهون عليك بهذه البساطة ان تتخلى عن معسكر الله عزوجل.. ايهون عليك..؟! ثم اعلم انك ان تنازلت مرة.. فلن تستطيع وقف التنازل ابداً.. وصدقني ان استمررت في التنازل.. فلن تنال ما تريد ايضاً من الدنيا.. وستخسر الدنيا والاخرة..!

يقول الاستاذ سيد رحمه الله"والانحراف الطفيف في أول الطريق ينتهي إلى الانحراف الكامل في نهاية الطريق . وصاحب الدعوة الذي يقبل التسليم في جزء منها ولو يسير , وفي إغفال طرف منها ولوضئيل , لا يملك أن يقف عند ما سلم به أول مرة . لأن استعداده للتسليم يتزايد كلما رجع خطوة إلى الوراء !
والمسألة مسألة إيمان بالدعوة كلها . فالذي ينزل عن جزء منها مهما صغر , والذي يسكت عن طرف منها مهما ضؤل , لا يمكن أن يكون مؤمنا بدعوته حق الإيمان . فكل جانب من جوانب الدعوة في نظر المؤمن هو حق كالآخر . وليس فيها ما يمكن الاستغناء عنه , وهي كل متكامل يفقد خصائصه كلهاحين يفقد أحد أجزائه . كالمركب يفقد خواصه كلها إذا فقد أحد عناصره !" من الظلال بتصرف يسير


اخي.. حبيبي في الله عزوجل.. اختنا الفاضلة.. كلمة لنفسي قبلكم.. اثبتوا بالله عليكم.. لا نريد ان نزل في اول الطريق..

قلة يريدون سلامة المنهج..............والكثرة يريدون منهج السلامة..!!!

فان شئت ان تسير مع الغثاء فهذا شانك.. وان شئت ان تكون مع القلة المتفردة فهذة والله نعمة ما بعدها نعمة فلا تفرط فيها..فهلا قابلت النبي صلى الله عليه وقد كتبت في هذه القلة..!!!

--

Labels: ,

انك انت الاعلى..!ـ

السلام عليكم..!
------------------------------
-------------------------
----------------------------------------------------------------------
مسالة النقاب
للاسف للمرة المليون اختلف مع معاجلة مشايخنا للامر..من ثلاث جهات.. الاولى مسالة الاهل وعدم مراعاة الصدام الشديد لما يحدث من قبل الاخت معهم.. فبكل بساطة يقولون اقعدي في بيتك.. فهل هذا هو الحل..؟ مسالة ترك الدراسة هذه بالنسبة للاهالي الان امر شبه محرم..وفي اغلب الحالات لن يتم الموافقة عليه..فبالتالي لا ينبغي التعامل مع الامر بهذه السهولة وكانها لو ارادت هذا ستفعل ما تريد مباشرة..الامر يحتاج الى واقعية اكثر يا مشايخنا..!
الثانية الاستسلام: والدعوة الى الدعاء والانكسار وو.. وهذا لا شك يقيناً هو لب الموضوع واصله.. لكن ليس معقولاً ان اكتفي به واضع ايدي على خدي.. اين الاخذ بالاسباب..؟؟ ببساطة قضية واحدة وللمحامين طرق في القضاء المستعجل تاخذ حكم قبل الامتحانات والحكم فيها مضمون باذن الله تعالى لانه صدرت احكام مشابهة قبل ذلك كما التحدث مع اكبر عدد ممكن من المعيدين واساتذة الجامعات وبالفعل العديد منهم لن ينفذوه فحملة قوية للحديث مع هؤلاء ينهي الامر... لكن انى احط ايدي على خدي واقول ادعوا وفقط.. فهذا قمة التواكل وقمة المسكنة.. ومينفعش في الزمن ده.. ده زمن عليك ان تواجه الهجوم باشد منه وتكون صلباً قوياً لا تهتز.. وكلما حاولوا الضرب فيك اوجعتهم باشد منها وجعلتهم يرون انك تتعامل معهم من منطلق الند القوي وليس الضعيف..!
الثالثة: التضخيم في معاجلة الامر كالعادة والانسياق وراء مايريدون منا ان ننساق وراءه.. للشيخ الشحات مقال على صوت السلف بعنوان "الاقصى من لم ينشغل عنه باللهو شغلوه بالجد" وهو يقصد امر النقاب..وفي الحقيقة اختلف معه.. هذا الامر لو تعاملت معه الحركة الاسلامية بذكاء بعيداً عن الشعبوية وعدم تحديد الهدف لاصابت ما تريد في مقتل وفي نفس الوقت وضعت الامر في حجمه "لو تذكرون الخريطة التى ذكرتها في المقال السابق"..الامة الان تعاني ازمات في غاية القوة.. تخلف علمي شديد وحصار محكم على غزة وعراق يستفرد به من قبل عملاء الصليبين ومجاهدون افغان يكاد لهم وهم في طريقهم للانتصار وازمات قتالية داخلية في البلد الاسلامي النووي الوحيد "باكستان" واقصى يتعرض للهدم.. كل هذه المشاكل العظام ونحن منذ شهرين نتكلم على النقاب.. كارثة والله.. كيف ننقاد لها بهذه السذاجة..!

في النهاية الذي ياتي كل هذا الامر على راسه.. هي الاخت التى بين نارين.. بين نار الاهل.. وبين نار خلع النقاب..!
قد يعتقد الكثيرون ان مسالة خلع النقاب هذه مسالة يسيرة.. انا نفسي في وقت من الاوقات كنت بقول الناس الي بتتعرض للاذى الشديد ممكن تحط كمامة في الاوقات الي بتتعرض فيها للاذى زي دخول الامتحان مثلاً وتخلص نفسها.. لكني حينما تعرض لمواقف اريد مني فيها ان احلق لحيتي.. فعلاً حسيت بالموقف.. القصة ابداً مش قصة شعيرات على الوجه او قماش على الوجه.. اطلاقاً والله.. القصة اصبحت حياة..بلا مبالغة.. يتعرض لضغوط في الرزق وتجده لا يبالي اطلاقاً وهو يرفض من الوظيفة تلو الاخرى بسبب لحيته وتتعرض فيها اخوات للاذى الشديد ولا يخلعن نقابهن.. الامر فعلاً قد يجعله البعض هيناً لكن لا يعلم عند اصحابه ما تمثله لهم هذه اللحية او هذا النقاب...!
لكن حقيقة.. والله مع هذه الابتلاءات.. يعيش المرء احلى لحظاته مع الله عزوجل.. احلى لحظات الانكسار والانابة اليه بعد ان قسى القلب.. تعود اليه وانت تعلم يقيناً انه لا ملجا لك الا اليه..وما احلاها من لحظات ينبغي عليها الشكر فهي تجدد الايمان وسط هذه الدنيا التى تجعل القلب يقسو..!

حاولت ان اكتب اكثر.. لكني في هذا المقام.. افسح المجال لاستاذي رحمه الله.. ومع فصل من اروع ما كتب.. ارسلته قبل ذلك.. لكنه ملائم وبشدة لهذا الموقف..هو مهم للتعامل مع من يحاول ان يجعلك تنكسر.. الاستعلاء.... اترككم مع الاستعلاء للاستاذ سيد قطب رحمه الله..!


استعلاء الإيمان

{ ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين } [آل عمران : 6]

أول ما يتبادر إلى الذهن من هذا التوجيه أنه ينصب على حالة الجهاد الممثلة في القتال . . ولكن حقيقة هذا التوجيه ومداه أكبر وأبعد من هذه الحالة المفردة ، بكل ملابساتها الكثيرة .

إنه يمثل الحالة الدائمة التي ينبغي أن يكون عليها شعور المؤمن وتصوره وتقديره للأشياء والأحداث والقيم والأشخاص سواء .

إنه يمثل حالة الاستعلاء التي يجب أن تستقر عليها نفس المؤمن إزاء كل شيء ، وكل وضع ، وكل قيمة ، وكل أحد ، الاستعلاء بالإيمان وقيمه على جميع القيم المنبثقة من أصل غير أصل الإيمان .

الاستعلاء على قوى الأرض الحائدة عن منهج الإيمان . وعلى قيم الأرض التي لم تنبثق من أصل الإيمان .وعلى تقاليد الأرض التي لم يصغها الإيمان ، وعلى قوانين الأرض التي لم يشرعها الإيمان ، وعلى أوضاع الأرض التي لم ينشئها الإيمان .

الاستعلاء . . مع ضعف القوة ، وقلة العدد ، وفقر المال ، كالاستعلاء مع القوة والكثرة والغنى على السواء .

الاستعلاء الذي لا يتهاوى أمام قوة باغية ، ولا عرف اجتماعي ولا تشريع باطل ، ولا وضع مقبول عند الناس ولا سند له من الإيمان .

وليست حالة التماسك والثبات في الجهاد إلا حالة واحدة من حالات الاستعلاء التي يشملها هذا التوجيه الإلهي العظيم .

***

والاستعلاء بالإيمان ليس مجرد عزمة مفردة ، ولا نخوة دافعة ، ولا حماسة فائرة ، إنما هو الاستعلاء القائم على الحق الثابت المركوز في طبيعة الوجود . الحق الباقي وراء منطق القوة ، وتصور البيئة ، واصطلاح المجتمع ، وتعارف الناس ، لأنه موصول بالله الحي الذي لا يموت .

إن للمجتمع منطقه السائد وعرفه العام وضغطه الساحق ووزنه الثقيل . . على من ليس يحتمي منه بركن ركين ، وعلى من يواجهه بلا سند متين . . . وللتصورات السائدة والأفكار الشائعة إيحاؤهما الذي يصعب التخلص منه بغير الاستقرار على حقيقة تصغر في ظلها تلك التصورات والأفكار ، والاستمداد من مصدر أعلى وأكبر وأقوى .

والذي يقف في وجه المجتمع ، ومنطقه السائد ، وعرفه العام ، وقيمه واعتباراته ، وأفكاره وتصوراته ، وانحرافاته ونزواته . . يشعر بالغربة كما يشعر بالوهن ، ما لم يكن يستند إلى سند أقوى من الناس ، وأثبت من الأرض ، وأكرم من الحياة .

والله لا يترك المؤمن وحيدا يواجه الضغط ، وينوء به الثقل ، ويهدها الوهن والحزن ، ومن ثم يجيء هذا التوجيه :

{ ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين } [ آل عمران : 139]

يجيء هذا التوجيه . ليواجه الوهن كما يواجه الحزن . هما الشعوران المباشران اللذان يساوران النفس في هذا المقام . . يواجههما بالاستعلاء لا بمجرد الصبر والثبات ، والاستعلاء الذي ينظر من عل إلى القوة الطاغية ، والقيم السائدة ، والتصورات الشائعة ، والاعتبارات والأوضاع والتقاليد والعادات ، والجماهير المتجمعة على الضلال .

إن المؤمن هو الأعلى . . الأعلى سندا ومصدرا . . فما تكون الأرض كلها ؟ وما يكون الناس ؟ وما تكون القيم السائدة في الأرض ؟ والاعتبارات الشائعة عند الناس ؟ وهو من الله يتلقى ، وإلى الله يرجع ، وعلى منهجه يسير ؟

وهو الأعلى إدراكا وتصورا لحقيقة الوجود . . فالإيمان بالله الواحد في هذه الصورة التي جاء بها الإسلام هو أكمل صورة للمعرفة بالحقيقة الكبرى . وحين تقاس هذه الصورة إلى ذلك الركام من التصورات والعقائد والمذاهب ، سواء ما جاءت به الفلسفات الكبرى قديما ، وما انتهت إليه العقائد الوثنية والكتابية المحرفة ، وما اعتفسته المذاهب المادية الكالحة . . حين تقاس هذه الصورة المشرقة الواضحة الجميلة المتناسقة ، إلى ذلك الركام وهذه التعسفات ، تتجلى عظمة العقيدة الإسلامية كما لم تتجلى قط . وما من شك ان الذين يعرفون هذه المعرفة هم الأعلون على كل من هناك ([1]) .

وهو الأعلى تصورا للقيم والموازين التي توزن بها الحياة والأحداث والأشياء والأشخاص . فالعقيدة المنبثقة عن المعرفة بالله ، بصفاته كما جاء بها الإسلام ، ومن المعرفة بحقائق القيم في الوجود الكبير لا في ميدان الأرض الصغير . هذه العقيدة من شانها أن تمنح المؤمن تصورا للقيم أعلى وأضبط من تلك الموازين المختلفة في أيدي البشر ، الذين لا يدركون إلا ما تحت أقدامهم . ولا يثبتون على ميزان واحد في الجيل الواحد . بل في الأمة الواحدة . بل في النفس الواحدة من حين إلى حين .

وهو الأعلى ضميرا وشعورا ، وخلقا وسلوكا . . فإن عقيدته في الله ذي الأسماء الحسنى والصفات المثلى ، هي بذاتها موحية بالرفعة والنظافة والطهارة والعفة والتقوى ، والعمل الصالح والخلافة الراشدة . فضلا على إيحاء العقيدة عن الجزاء في الآخرة . الجزاء الذي تهون أمامه متاعب الدنيا وآلامها جميعا .
ويطمئن إليه ضمير المؤمن . ولو خرج من الدنيا بغير نصيب .

وهو الأعلى شريعة ونظاما . وحين يراجع المؤمن كل ما عرفته البشرية قديما وحديثا ، ويقيسه إلى شريعته ونظامه ، فسيراه كله أشبه شيء بمحاولات الأطفال وخبط العميان ، إلى جانب الشريعة الناضجة والنظام الكامل . وسينظر إلى البشرية الضالة من عل في عطف وإشفاق على بؤسها وشقوتها ، ولا يجد في نفسه إلا الاستعلاء على الشقوة والضلال .

***

وهكذا كان المسلمون الأوائل يقفون أمام المظاهر الجوفاء ، والقوى المنتفخة ، والاعتبارات التي كانت تتعبد الناس في الجاهلية . . والجاهلية ليست فترة من الزمان ، وإنما هي حالة من الحالات تتكرر كلما انحرف المجتمع عن نهج الإسلام ، في الماضي والحاضر والمستقبل على السواء . .

وهكذا وقف المغيرة ابن شعبة أمام صور الجاهلية وأوضاعها وقيمها وتصوراتها في معسكر رستم قائد الفرس المشهور :

(( عن أبي عثمان النهدي قال : لما جاء المغيرة إلى القنطرة ، فعبرها إلى أهل فارس أجلسوه ، واستأذنوا رستم في إجازته ، ولم يغيروا من شارتهم تقوية لتهاونهم ، فأقبل المغيرة ابن شعبة والقوم في زيهم ، عليهم التيجان والثياب المنسوجة بالذهب ، وبسطهم على غلوة - والغلوة مسافة رمية سهم وتقدر بثلاثمائة أو أربعمائة خطوة - لا يصل إلى صاحبهم حتى يمشي على غلوة ، وأقبل المغيرة وله أربع ضفائر يمشي حتى يجلس على سريره ووسادته ، فوثبوا عليه فترتروه وأنزاوه ومغثوه ([2]) ، فقال : كانت تبلغنا عنكم الأحلام ، ولا أرى قوما اسفه منكم ، انا معشر العرب سواء لا يستعبد بعضنا بعضا ، إلا أن يكون محاربا لصاحبه ، فظننت أنكم تواسون قومكم كما نتواسى . وكان أحسن من الذي صنعتم أن تخبروني ان بعضكم أرباب بعض ، وان هذا الأمر لا يستقيم فيكم ، فلا تصنعه ، ولم آتكم ولكن دعوتموني . اليوم علمت ان أمركم مضمحل ، وأنكم مغلوبون ، وأن ملكا لا يقوم على هذه السيرة ولا على هذه العقول )) .

كذلك وقف ربعي بن عامر مع رستم هذا وحاشيته قبل وقعة القادسية :

(( أرسل سعد بن أبي وقاص قبل القادسية ربعي بن عامر رسولا إلى رستم ، قائد الجيوش الفارسية وأميرهم ، فدخل عليه وقد زينوا مجلسه بالنمارق والزرابي والحرير [3] وأظهر اليواقيت واللآلىء الثمينة العظيمة ، وعليه تاجه ، وغير ذلك من الأمتعة الثمينة ، وقد جلس على سرير من ذهب ، ودخل ربعي بثياب صفيقة وترس وفرس قصيرة . ولم يزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد . وأقبل وعليه سلاحه وبيضته على رأسه . فقالوا له : ضع سلاحك . فقال : اني لم آتكم ، وإنما جئتكم حين دعوتموني ، فإن تركتموني هكذا وإلا رجعت . فقال رستم : ائذنوا له . فأقبل يتوكأ على رمحه فوق النمارق لخرق عامتها . فقال رستم : ما جاء بكم ؟ فقال : الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام )) .

وتتبدل الأحوال ويقف المسلم موقف المغلوب المجرد من القوة المادية ، فلا يفارقه شعوره بأنه الأعلى . وينظر إلى غالبه من عل ما دام مؤمنا . ويستيقن أنها فترة وتمضي ، وإن للإيمان كرة لا مفر منها . وهبها كانت القاضية فإنه لا يحني لها رأسا . إن الناس كلهم يموتون أما هو فيستشهد . وهو يغادر هذه الأرض إلى الجنة ، وغالبه يغادرها إلى النار . وشتان شتان . وهو يسمع نداء ربه الكريم :

{ لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد * لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلا من عند الله وما عند الله خير للأبرار } [ آل عمران : 196-198]

وتسود المجتمع عقائد وتصورات وقيم وأوضاع كلها مغاير لعقيدته وتصوره وقيمه وموازينه ، فلا يفارقه شعوره بأنه الأعلى ، وبأن هؤلاء كلهم في الموقف الدون . وينظر إليهم من عل في كرامة واعتزاز ، وفي رحمة كذلك وعطف ، ورغبة في هدايتهم إلى الخير الذي معه ، ورفعهم إلى الأفق الذي يعيش فيه .

ويضج الباطل ويصخب ، ويرفع صوته وينفش ريشه ، وتحيط به الهالات المصطنعة التي تغشي على الأبصار والبصائر ، فلا ترى ما وراء الهالات من قبح شائه دميم ، وفجر كالح لئيم . . وينظر المؤمن من عل إلى الباطل المنتفش ، وإلى الجموع المخدوعة ، فلا يهن ولا يحزن ، ولا ينقص إصراره على الحق الذي معه ، وثباته على المنهج الذي يتبعه ، ولا تضعف رغبته كذلك في هداية الضالين والمخدوعين .

ويغرق المجتمع في شهواته الهابطة ، ويمضي مع نزواته الخليعة ويلصق بالوحل والطين ، حاسبا انه يستمتع وينطلق من الأغلال والقيود . وتعز في مثل هذا المجتمع كل متعة بريئة وكل طيبة حلال ، ولا يبقى إلا المشروع الآسن ، وإلا الوحل والطين . . وينظر المؤمن من عل إلى الغارقين في الوحل اللاصقين بالطين . . وهو مفرد وحيد ، فلا يهن ولا يحزن ، ولا تراوده نفسه أن يخلع رداءه النظيف الطاهر ، وينغمس في الحمأة ، وهو الأعلى بمتعة الإيمان ولذة اليقين .

ويقف المؤمن قابضا على دينه كالقابض على الجمر في المجتمع الشارد عن الدين ، وعن الفضيلة ، وعن القيم العليا ، وعن الاهتمامات النبيلة ، وعن كل ما هو طاهر نظيف جميل . . ويقف الآخرون هازئين بوقفته ، ساخرين من تصوراته ، ضاحكين من قيمه . . فما يهن المؤمن وهو ينظر من عل إلى الساخرين والهازئين والضاحكين ، وهو يقول كما قال واحد من الرهط الكرام الذين سبقوه في موكب الإيمان العريق الوضئ ، في الطريق اللاحب الطويل . . نوح عليه السلام . .

{ إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون } [ هود : 38]

وهو يرى نهاية الموكب الوضئ . ونهاية القافلة البائسة في قوله تعالى :

{ الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون . . وإذا مروا بهم يتغامزون وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين . . وإذا رأوهم قالوا : إن هؤلاء لضالون وما أرسلوا عليهم حافظين . . فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون . . على الأرائك ينظرون هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون ! } [ المطففين : 29-36 ]

وقديما قص القرآن الكريم قول الكافرين للمؤمنين :

{ وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا : أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا ؟} .. [ مريم : 73]

أي الفريقين ؟ الكبراء الذين لا يؤمنون بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ أم الفقراء الذين يلتفون حوله ؟ أي الفريقين ؟ النضر بن الحارث وعمرو بن هشام والوليد بن المغيرة وأبو سفيان بن حرب ؟ أم بلال وعمار وصهيب وخباب ؟ أفلوا كان ما يدعو إليه محمد - صلى الله عليه وسلم - خيرا أفكان أتباعه يكونون هم هؤلاء النفر ، الذين لا سلطان لهم في قريش ولا خطر ، وهم يجتمعون في بيت متواضع كذار الأرقم ، ويكون معارضوه هم أولئك أصحاب الندوة الفخمة الضخمة ، والمجد والجاه والسلطان ؟!

إنه منطق الأرض ، منطق المحجوبين عن الآفاق العليا في كل زمان ومكان . وإنها لحكمة الله أن تقف العقيدة مجردة من الزينة والطلاء عاطلة من عوامل الإغراء ، لا قربى من حاكم ، ولا اعتزاز بسلطان ، ولا هتاف بلذة ، ولا دغدغة لغريزة ، وإنما هو الجهد والمشقة والجهاد والاستشهاد . . ليقبل عليها من يقبل ، وهو على يقين من نفسه أنه يريدها لذاتها خالصة لله من دون الناس ، ومن دون ما تواضعوا عليه من قيم ومغريات ، ولينصرف عنها من يبتغي المطامع والمنافع ، ومن يشتهي الزينة والابهة ، ومن يطلب المال والمتاع ، ومن يقيم لاعتبارات الناس وزنا حين تخف في ميزان الله .

إن المؤمن لا يستمد قيمه وتصوراته وموازينه من الناس حتى يأسى على تقدير الناس ، إنما يستمدها من رب الناس وهو حسبه وكافيه . .

إنه لا يستمدها من شهوات الخلق حتى يتأرجح مع شهوات الخلق ، وإنما يستمدها من ميزان الحق الثابت الذي لا يتأرجح ولا يميل . . إنه لا يتلقاها من هذا العالم الفاني المحدود ، وإنما تنبثق في ضميره من ينابيع الوجود . . فأنى يجد في نفسه وهنا أو يجد في قلبه حزنا . وهو موصول برب الناس وميزان الحق وينابيع الوجود ؟

إنه على الحق . . فماذا بعد الحق إلا الضلال ؟ وليكن للضلال سلطانه ، وليكن له هيله وهيلمانه ، ولتكن معه جموعه وجماهيره . . إن هذا لا يغير من الحق شيئا ، إنه على الحق وليس بعد الحق إلا الضلال ، ولن يختار مؤمن الضلال على الحق - وهو مؤمن - ولم يعدل بالحق الضلال كائنة ما كانت الملابسات والأحوال . .

{ ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب * ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد }. [ آل عمران : 8-9]



[1] - يراجع فصل " تيه وركام " في كتاب : خصائص التصور الإسلامي ومقوماته .

[2] - مغثوه : صرعوه .

[3] - النمارق : الوسائد والحشايا للاتكاء . والزرابي : البسط المحملة .

Labels: ,

حواديت غزة الكافرة..!

حين يبدع الادب حقيقة.. وحين يكون من قلب يشعر بالجرح يقطعه تقطيعا.. لا تملك الا ان تقراً بصمت.. واعجاب.. وربما انبهار.. وقلبك تخترقه الكلمات كالخناجر.. اترككم مع ابداع احداهن.. !!!
حواديت غزة الكافرة .. !
منقول من المحور الثقافي بشبكة فلسطين للحوار


عيد سعيد ْ
؛ ولعلّي لا أعرفه أيضاً !
فبين كل الوجوه التي أعرفها ، لا يوجد "رمضان كريم" ْ
قد يعرفه أحدكم .. وهذا لا يهمني ،
.. وقد تعرفون "عيد كريم" أيضاً !

أنا لن أكتب عن رمضان ؛
.. ولن أساير "الموضة" وأحترف رص الكلمات ْ
أستطيع أن أقول .. كل ما يودّ الجميع سماعه ..
أستطيع القول أني أحس بروحانية عالية ،
وإيمانيات .. لن تتكرر ْ
؛ وأكتب عن نفسي .. ما يجعل "الذهبي" يندم على عدم إدراجي في (سير أعلام النبلاء)
.. سأقول لكم أني أتمنى أن تكون السنة كلها + شهرين ونص من السنة القادمة ؛ كلهم رمضان !
وأن "ماهر المعيقلي" أجبر دموعي على أن تنهمر ْ
وأني تخلصت من أدران روحي
علّقتها لشهر - على الأكثر - على شماعة التوبة ..
وأن عباداتي شكّلت أزمة اقتصادية للشيطان لفرط ما أتيتُ به من حسنات ؛
؛ وأني أستشعر ملاييناً يقترفون الصوم الذي أقترفه !
وأني أتذكر مشاكسات الطفولة في "رمضانات" مضت ..
لكني لن أقول في نهاية كلامي لكم عن كل ما سبق أنه (كذبْ)
وأن أول من سأكذب عليه هو "أنا" .. ثم أنتم ؛
فبعد كذبي هنا ..
سأذهب للنوم ، فوقت انتهائي من الكلام كان فجراً
.. وموعد الاستيقاظ سيكون عصراً
؛ سأنتظر الإفطار
وسأسبقه بـ1052 شتيمة على شعوب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ..
وككاذبةٍ محترفة .. فعلى مائدتنا كل ما لذّ وطاب !
.. وستنعم قمامتنا اليوم بوجبة لم تحلم بها طيلة السنة ْ
سآكل .. حتى أنتفخ ْ
؛ و "طـُز" في الصومال ومن والاهم !
وسأشرب عصير "اللهم نفسي" ،
.. واللي معوش مَـ يلزموش ْ
سأذهب لأموت من الضحك أمام "أم الحالة"
؛ وأزكّي صيامي بـ"طاش ما طاش"
ثم أقف على باب الحارة .. منتظرةً أن يُفتح !
وأنهل من بركات MBC .. وأخواتها

حديثي عن غزة قد يبدو مملاً ،
.. فقد سئمه كثيرون ، والباقون ربما يشاورون أنفسهم !
ولأنكم سمعتموه مني قبل ذلك ..
؛ وهو بطبيعة الحال ليس بجديد ْ
فقد جرّبتُ أن أمارس حياتي دون أن أفكر بها
أو أكتب عنها ..
.. قد تكون سئِمَتْ من أن ينطق باسمها كذابون
منهم "أنا" طبعاً ؛
لذلك تركتها ترتاح مني .. شهراً - على الأقل - !


أستطيع أن أبدو أمامكم كـ"مثـقفة"
أنال من التصفيق ما تحمرّ له الأيدي ،
.. ولا أرد إلا بعد عشرين ردٍ على الأقل !
والأمر ليس بتلك الصعوبة ،
.. وقد تستطيعون تجربته بسهولة !
سأحدثكم أني استيقظ صباحاً .. أشرب قهوةً
.. وأقرأ جريدة الشرق الأوسط ْ
أضع بعض الكلمات العامية ..
؛ وأحدثكم عن رؤيتي لحلّ قضية فلسطين
.. ومشكلة مياه الشرب في جدة
وريّ المزروعات بالمجاري في مصر ،
وعن أفكاري في استثمار الألمونيوم في الغابون !

أحدثكم عن ما قاله "سارتر" .. وبعضاً من حكم "دافينشي"
؛ وعن مقطع من إحدى مسرحيات "شكسبير" ْ
وعن النكتة التي ضحك منها "تشرشل" ..
وعن وصية "روزفلت" وهو على فراش البيت الأبيض !
.. عن أهم ما بناه المهندس "رافاييل" في العصور الوسطي
وعن فلسفة "مكيافيللي" .. وبلاغة "بارت" و "دان براون" ..
أحدثكم كثيراً بالإنجليزية ،
.. وأخبركم عن أمريكا وما فيها !
أحدثكم عن مطعم "تولوز" المجاور لمجلس الشيوخ الأمريكي في واشنطن ْ
؛ وعن طعم اللحم المقدد مع البيض هناك ْ
وعن متعة قيادة السيارة على طريق "ليسبرغ" .. حيث أشجار القيقب العالية !
وروعة الرغوة الخاصة بكأس الكابتشينو وأنت تستمتع بها صباحاً في أحد الشقق في "ويست بروك"
.. وعن روعة خليج "شيسبيك" ومناظره الخلابة ْ
وعن زيارتي لجزيرة "والبوس" .. ورائحة الموت هناك !
كل ذلك مدعماًَ بإنجليزية بلكنة أمريكية .. كتلك التي يتكلم بها المارينز ْ

الأمر ليس معقداً ،
.. فالشريط الإخباري لأي قناة كفيل بأن يحقنني بأخبار تحتاج لأسبوع كي أقولها
قليلٌ من الكذب لأخبركم أني أشرب القهوة ،
.. وكمية أعلى قليلاً منه لتعرفوا أني أستطيع الكلام بالإنجليزية مثل "البلبل"
وقراءة لإحدى الروايات الأمريكية المترجمة للعربية تخبرني بكل الأماكن أعلاه ،
وفيلم أكشن أمريكي .. أحفظ منه بعض الجمل الحوارية
؛ وتدخُّل من السيد "جوجل" لمعرفة الشخصيات أعلاه .. وبعض الأمور الأخرى
ثم إني .. (مثقفة) !

ماذا بعد ذلك .. ؟!
لا شيء ْ
؛ تجرب كل ما يُمكن أن تفعله في هذه الحياة كل صباح ْ
تجتاح الحياة بـ"ميركافا" لا يوقفها أي لغم !
تستيقظ ؛ تلتهم الأنفاس .. لتقول أني ربما ما زلتُ حياً
.. وتؤكد للدنيا أنك سـ"تتسافل" بالقدر الذي تمنحه إياكَ روحك
فلن تغيب الشمس إلا حمراء فاقعٌ لونها من الحياء !
.. تأكل حتى التخمة ،
تشرب .. ماءً أو كوكاكولا !
؛ تسمع أخباراً .. تودّع أولاداً وزوجة
دوام .. وأشياءٌ أخرى ؛
و نوم ْ
كآبة وملل .. فقد اقترفتَ في هذه الحياة كل ما فيها
أسمعُ عن أنّ أناساً يعتنقون ديناً - مثلي - اسمه الإسلام ،
يبدؤون .. حيث ينتهي تقرير الجزيرة/العربية
وأنتهي .. حينما يبدأ "زكي شان" على روتانا !
وفي الفترة المغلقة بين البداية والنهاية .. ترتكبُ شيئاً يسمى [حياة]
؛ تتلخّص في القدرة على تضييع أكبر قدرٍ منها
وإجبار العداد التنازلي للموت على أن يتناقص .. بالقوة !
.. مؤكداً لنفسكَ أنك أتفه من أن تكون شيئاً يُذكر ْ
أو بشكل أبسط .. أنكَ "لا شيء" !
ولأنكَ تستمتع بتعزية نفسك بموت ضميرك ،
تهمس لروحكَ "وهو غيري شو عَمل يعني ؟!"
؛ وانتهت الحياة !


أتسامر أنا وغزة ليلاً ..
فعادتها السهر ،
ترقباً من عدوٍ ما زال "يتحركش" بها
.. من موتٍ يكمن في صدرها
تحاول كتمه كل يوم ؛ فتفشل !
وتعانق زفراتها روحاً من أبنائها .. لتكتمل سلسلة الأرقام الآدمية الميتة بصمت ْ
تمسكني من أذني بعدها لتقول لي "مش قـُلتلك" ؟!
.. وكعلامة تطنيش لكل من لا تؤمن بهم ؛ تسهر ْ
تخبرني أنها "كافرة" بثقافتي !
هكذا .. وبكل صراحة تتقن إخراجها
.. وبلا إحراجٍ ؛
فقد اعتادت على تعرية الحقيقة دون أن تخرجها بأي ملابس .. حتى لو كانت من ماركة Femi9
أستجمع شيئاً من صدقي ..
وأخلع كل أقنعتي الكاذبة ،
أتفل في قلبي .. وأغسله بخرقة غزّية بالية
أتأكد أنه ما زال وسخاً ..
بعض النظافة قد تفيده ! على الأقل لحين أن تنتهي من كلامها ..
ثم أعيده قذراً كما كان ْ
.. أغسل روحي بـ"الأسيتون"
؛ أبتسم .. دون أن أسألها "لماذا" ؟
.. لأني - ببساطة - أصدق غزة !
فلم تكذب عليّ منذ أن قبـّل يدها "الرنتيسي" ؛
.. ومنذ أن بدأت تسامرني
؛ أصدّق كفرها .. ولو قليلاً
وأعود لـ"أنا" التي أعرفها منذ زمن ..
أتكلم عن ما أؤمن به ْ
؛ وقد أخبرتني غزة أن أتكلم عن رمضان
رمضان الذي لم يزرها هذا العام ..
.. فقد بقي ينتظر على معبر رفح منذ ثلاث سنين !
؛ وقد أخبرها أنه "ربما" يعود للمعبر إن وجد طائرة تحمله ْ
أو نفقـاً يبقيه "فرعون" وجنوده ، لعله يستطيع التسلل داخل علبة حليب لـ"أسامة"
وقد حان وقت رحيله الآن !
عن نهاره الذي يحرق جباه الغزيين الشامخة ،
.. وعن ليله الذي يدعو فيه "هنية" كل يوم : يا رب .. فرّجها
عن إفطاره الذي لا يوجد فيه أجيال "فيمتو" .. ولا "كنور" وملحقاتها
؛ ولا "ليز" الغائب عن السلَطة ْ
عن تراويحه التي لن يعقبها قطايف .. !
؛ عن مسائه الصامت .. كأنه يصلي
عن "أسامة" الصائم قسراً .. فالحليب يهدد الأمن القومي الفرعوني
وأمه لا تمتلك إلا ماءً .. وتمراً ، ودعواتٍ في جوف الليل
تصبّره كل يوم دون أن يفهمها ..
أن يا بني "ما من امريء مسلم يخذل امرءاً مسلما في موضع تُنتهك فيه حرمته ، ويُنتقص فيه من عرضه ، إلا خذله الله تعالى في موضع يُحب نصرته"
تصلى على النبي صلى الله عليه وسلم بعدها .. وتعلم أنه قد ردّ لعصفورةٍ صغيرها ،
؛ تبتسم .. فليس لدى أهل غزة عصافير إلا في الجنة !
ولا تعلم إن كان الجرح في القلب يُفسد الصوم .. أم ينقض الوضوء ْ
.. عن موسى عليه السلام وعمرو خالد
وبعضاً من الكهرباء في وقت "قصص القرآن" تخبرهم أن الظلم حتماً زائلُ
عن شوارعهم المليئة برائحة الموت ..
؛ عن أحلامهم التي تاهت ونسوا أن يعلنوا في الصحف عن فقدانها
فقد نسوا أوصافها .. !
عن مخيماتهم .. عن جدران بيوتهم
عن حجارةٍ من طين .. ليست لتهدم ما بنى "أبرهة"
بل لتبني ما هدمه اليهود !
عن تشققات أيدي نسائهم ، وقد علق بها شيءٌ كثيرٌ من عزّة النفس ..
؛ .. عن أعراس شبابهم وأنشودة "لا تبالي يا غزة"
عن ما كتبه ذاك الطفل بقطعة من فحم "هنا غزة" ..
عن توقيعه "المخربش" تحت جملته .. المليء بالتحدي
عن مصاحفهم التي تعودت على أيديهم ؛
وأيديهم .. التي اعتادت على ملمس الكلاشنكوف ،
ولم تلمس "عرباية" شراءٍ يوماً ما
.. فليس لديهم "كارفور" !
عن أرجلهم المنهكة .. من الجري وراء الموت ْ
عن بطونهم الخاوية من الذل ؛ المتخمة بالعزم ..
؛ عن قلوبهم الكبيرة .. الصغيرة جداً على أي مكانٍ للتراجع !
عن عيونهم .. الحاملة لكل هموم الأرض
؛ عن وجوههم الشاحبة .. الصابرة
عن رسائل التهنئة على جوالاتهم :
" نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة ،
فهذه التهنئة صالحة لكل من :
رمضان ؛ عيد الفطر ؛ عيد الأضحى ؛ رأس السنة الهجرية
المولد النبوي ..
وكل مناسبة ستأتي لمدة سنة !
وكل عام وأنتم بخير
" ..
عن "أسامة" .. وصراخه كل ليلة ْ

أخبرتني غزة ..
أخبرتني أن "عمار بين ياسر" لم يدع ُبطول العمر لأبي جهل
بعد أن حاول "ابن مسعودٍ" اغتياله ،
.. ذاك أن عمّار "حر" قبل كل شيء !
و ابن مسعود شرب عزّة النفس من "أم عبد"
؛ تماماً .. كما شرب القرآن غضاً طرياً
أخبرتني ..
قد تجدي "إسرائيلياً" يدعو لـ"هامان" بالصحة والعافية ْ
؛ ويكتب على "ورق البردى" في كل مكان : أن شكراً لله على الأمن الذي حققته لنا !
لكن أهل غزة .. ليسوا من بني إسرائيل ْ
أخبرتني ؛
حينما جاء الموت سهلاً عنيفاً سائغاً للغزيين !
أرادونا أن لا نحس به ..
قالوا لنا : اشربوا بنادول ،
.. ولما عجزوا عن إيصاله ؛
أطلقوا حملة "بنادول اكسترا" ..
شعارها : تبرع بحبة بنادول .. تمنع الألم عن مسلم منيل بستين نيلة في المجموعة الشمسية !

قالت لي .. لو ذهبتُ إلى أولئك الناس ،
سأغشهم في المخدرات التي يتناولونها كل مساء ْ
وغشي هو خدمة إنسانية يتقاضى فاعلها أجراً !
.. لعل المخدرات المغشوشة توقظهم مما هم فيه ْ
وإن سألْتِني .. فأولئك قومٌ ربما - فقط - التخلص من الحياة يعتبر نوعاً من التغيير لديهم ،
يعتقدون أني أكبر مما يجب ،
.. وأثمن مما ينبغي !
يرسلون تضامنهم معي عبر البلوتوث ؛
وما دروا أني لا أمتلك جوالاً أصلاً .. !
؛ يحاولون إقناعي بمتابعة "خواطر" الشقيري
.. وأني أقبع في "الكوكب الآخر" !
ولم يعرفوا أن دروس أهلي .. لن يستطيع تدريسها أحد
الكثير منها موجود في الموصل .. وقندهار
.. و وزيرستان ،
شيء من الكرامة والعزة لا علاقة له بالحدائق العامة
.. ولا بأمانة أهل "أكاساكا"
ولا بمكتبات طوكيو !
حاولوا أن يقنعوني أن مارد الأمة يتململ ْ
؛ وعما قريب سينتهي مفعول الخمر اللاعبة برأسه ..
ولم أكن أعلم أن هذا المارد "كَوِّيـك" .. يشرب الكوكايين مع عصير تانج !
أخبرتـُهم ..
أخبرتهم أن أهلي أعادوا ترتيب سلم أولويات الإنسان ،
والإنسان .. كلمة تعني ذاك المخلوق الذي فضّله الله على مخلوقاته
.. وله أربعة أطراف ، وعقل ، وضمير غير معاقٍ ولا في غرفة الإنعاش
أعادوا ترتيب السلم ،
فكانت الحرية والكرامة .. وعزة النفس
قبل الأكل والشرب .. وقبل الشعور بالأمن ْ ،
أخبرتـُهم ..
أن "أسامة" ما زال يصرخ ، ولا حليب !
وأني غنيت له مليون مرة "نام يا أسامة نام وأدبحلك جوز الحمام"
حتى تعبت ْ
، فنصحوني أن أشتري مسجلاً وأريح نفسي
وما زلت أتساءل عن الحمام الذي سأذبحه له .. !
.. خاطبتـُهم
أنّ أبواب الحرية لا تدقها أيدٍ نبتت من "دولار"
وأن "سعيد بن جبير" قال للسجان .. ذاك العبد المأمور : أنت من الظلمة ،
.. وأحمد بن حنبل أقسم أن (من برى للظالم قلماً يُحشر معه يوم القيامة) !
.. لم أستطع أن أفهمهم أن أهلي هم شهداء .. على وشك الجنة ْ
وأن الجنة .. لا تُشترى بـ"الماستر كارد"
فهي ليست جريدة "الوطن" ،
.. وليست شركة مساهمة محدودة لكل من لعنوا الإرهاب على موائد الإفطار
وحتماً .. لا يفوز بها أحدهم لأنه أرسل كلمة "جنة أو Jannah" على الرقم المخصص لبلده !
أفهمتـُهم ،
أن حياة أهلي Trial ؛ نسخة مجانية
الـKeygen هو "الشهادة" .. ليضمنوا بعدها الحياة الأبدية !


تخبرني غزة أنها تكفر بكل أولئك المثقفين ،
.. وأنها تؤمن بالذين صبئوا ؛ وكانوا يكفرون ْ !
تؤمن بيحيى عياش .. وأحمد ياسين .. والشيخ أسامة
.. وتبتسم حينما تتذكر "عماد عقل" ْ
تحدثني عن أمنية "خطاب" في صلاةٍ في الأقصى ..
وتقسم لي أن الزرقاوي هو أحد أبنائها ،
؛ وأن "بيت الله محسود" أوصى بها قبل استشهاده
.. وتفتخر أن رمزي بن شيبة لو كان عندها .. لقبّلت رأسه
تكفر بالذين يظنون أن أهلها يشحنون صبرهم .. ببطاقات سوا !
وبالذين يحلفون بأسماء الله الحسنى أن الغزل على شريط رسائل "فور شباب" هو وسيلة لنصرة أهلها ..
؛ بالذين يمارسون في برنامج "لمبات" بيع مبادئهم بالجملة
ويفتون أن من مات بانلفونزا الخنازير فهو "شهـيد" .. ومن يفجر نفسه في تل أبيب فهو "انتحاري"
بالذين أطعمتهم أمريكا من ذل .. وآمنتهم في مجلس الأمن !
وآواهم الديوان الملكي/القصر الجمهوري
بكل تلك اللحى المزورة ،
.. والعمائم الرخيصة
بالذين آمنوا بمبدأ خصخصة الدين ،
وبمن يحترفون عمل update لدينهم كل أسبوع
.. حيث ترقد الوسطية التي تهز وسطها كلما لاح لها "محدّث" لدينه !
فتعطيه من الفتاوى و "التيسير" ما يكفي لأن يتعايش مع سكان كوكب زحل دون أي مشاكل ْ
.. وما يسد عجز ميزانية لسانه من الشكر لـ"الآخر"
وما يرضي عقله ويريح فؤاده عن الزعيم .. ووزرائه .. ووكلاء الوزارات
والمدراء العامين .. والفراشين .. وشرطيو المرور .. وأصغر "عبد مأمور" في الدولة !
؛ وتمنحه من الدعاء لهم ما يكفي لأن تذيّل "صلى الله عليه وسلم" بعد اسم محمد .. واسم فخامة الرئيس/الملك
تكفر بالذين أتقنوا هجاء الرب ّ
.. وتوضئوا بالشمبانيا
وأقسموا أن الجنة تحت أقدام ولي الأمر .. !
؛ ثم كالوا المديح أصنافاً لأصحاب المعالي .. والمواطي
بالذين جلسوا يتألمون عبر الريموت كنترول ْ
وصفحات الجرائد ،
؛ وأشعة البلوتوث !
.. غزة عندهم ليست إلا خبر ، وتقرير ، و وائل الدحدوح ْ



أذّن الفجر ..
؛ وانتهت سهرتي معها
وعاد قلبي إلى إيمانه ،
.. ولم يكفر كما كفرت غزة ْ
عاد مؤمنا .. جداً
؛ وطغت هي في كفرها .. جداً أيضاً !

أيها الناس
إن غزة .. كافرة ْ
؛ فمن صبأ منكم اليوم فقد آمنت غزة به !
.
.
؛
آية الله .. مجاهدة الشام ْ

Labels: , ,

وفي العيد.. هناك مشاعر اخرى..!

في غزة.. وفي العراق .. وفي الشيشان.. وفي افغانستان.. وفي تركستان الشرقية... وفي تايلاند... وفي غيرها من بقاع المسلمين الجريحة...ربما لا يوجد منزل.. الا وفيه طفل يتيم وام مكلومة وزوجة مجروحة... كيف مشاعرهم في العيد ؟؟؟

اترككم مع مقالة الاخ الفاضل براء نزار ريان بن الشيخ نزار رحمة الله عليه..!


بسم الله الرحمن الرحيم

اليوم نبكيكم .. وكلّ يوم!

والدي الحبيب،

سلام إليك وعليك، بقدر اشتياقي وتحرّقي للقياك، وما في القلب لك من وجد وشوق!

أحبّ أن أخبرك بداية أننا نحسن بالله الظنّ، وأننا نراكم بإذن الله في جنان الخلد تتنعّمون، على الأرائك تنظرون، ونظنّ أن الله سبحانه أكرمكم بكرامة الشهادة في سبيل الله، وأجزل لكم المثوبة في الدنيا والآخرة بإذنه، ولكننا نشتاق إليكم ولذلك نبكيكم!
تنقصنا نظراتكم، وتعوزنا ضحكاتكم، نفتقد ابتساماتكم، ونشتاق إلى جلساتكم، وتحنّ نفوسنا إلى جمعاتكم، لا سيّما في مثل هذا اليوم..
الله وحده يعلم كم افتقدناكم، وكم بكيناكم.. لكننا من أجلكم ومن أجل رسالتكم، وقبل ذلك رغبة فيما أعدّ الله للصابرين، تجلّدنا ما استطعنا، وتحمّلنا فوق ما يمكننا، لكننا يا أبي بشر من لحم ودم.. لذلك يا أبي نبكيكم!
لطالما تمنّيت لك الشهادة في سبيل الله، ولم أكن أرضى لك إلا أن تموت شهيدًا، وما كان لمثلك إلا أن يموت هذه الميتة الشريفة، لكنه كان رحيلًا مبكّرًا وأليمًا.. وهذا ما يبكيني!

كما أنني كنت أفرح بإخوتي الصغار، ولطالما فرحت بهم، استبشرت بميلاد كل منهم، وأذكر لحظات خروج كل منهم إلى الدنيا كما لو أنها أمامي، وقد كنت أحلم فيما أحلم أن يكون لك من الذرّية ما ينافس عائلة كاملة، وقد أنعم الله عليك وآتاك، وأكرمهم بما هو أفضل من ذلك .. لكننا –بضعفنا وقصور تفكيرنا- كنّا نحبّ أن يظلّوا بيننا ..
لذلك يا أبي نبكيكم!

لقد أسعدني أن ختم الله لك وللوالدة وللخالات بالشهادة، وأكرمكم بهذه الكرامة بعد طول جهاد وبذل، وأحمل عن كل منكم ذكريات تصلح لي زادًا حتى ألقاكم، لكن إخوتي الصغار يا أبي لم أسعد برؤيتهم كما كنت أتمنّى.. والخيرة فيما اختاره الله .. لكنني أبكيكم!

في رمضان يا والدي .. كنّا نفطر سوية في بيتكم العامر، تعوّدنا على ذلك يا أبي، وكان صعبًا أن نفطر وحدنا، لكننا آثرنا بعد رحيلكم أن نفطر سوية أيضًا وبما تبقى منّا في بيوت بعضنا بالتناوب.. وشعرنا أن الله مبارك فينا، وأننا بإذن الله كثرة .. لكننا مجرّد حفنة منكم.. فلذلك نبكيكم!


ولدك بلال يا أبي.. إنه يشبهك كثيرًا..
إنني أذكر إذ قلت لك يومًا: لن تجد أخًا مثل بلال لإخوته أبدًا! فتبسّمتَ تبسّم الرضا..
لقد كان عند ثقتك يا والدي، إنه يحبّ لنا ما يحبّ لنفسه وأكثر.. ويؤثرنا على نفسه وأكثر، ويفدينا بروحه وأكثر!
إنه باختصار –وعلى قرب السنّ- والدنا بعدك، لكننا لا نرى لك مثيلًا ولا عنك تعويضًا أنت وسائر الأحباب ولذلك نبكيكم!
لكن حسبي أنه يشبهك يا أبي وقد عزّ أشباهك، ولذلك أسمّيه الشيخ بلال، تيمنًا بك، ودعاء لله بأن يسير على طريقك.. لكنه نفسه محتاج إليك .. فلذلك أبكي وسأظلّ أبكيكم!

محمّد يا والدي كبر وشبّ، وهو قوي مدبّر.. هو يدنا ورجلنا يا أبي.. ورجل المهمات الصعبة فينا..
رزقنا الله منه نزارًا بعد استشهادك، وفرحنا بهذا الوافد الوسيم الجسيم، لكننا كنا نحبّ أن تشاركونا فرحته.. ولذلك نبكيكم!
حملت زوجتي يا والدي، وكان المفاجأة أن في بطنها توأمًا! فبكيت كثيرًا، لأنني كنت أعلم أنك ستسرّ بذلك كثيرًا.. شعرت بأن الله يعوّضنا وقرّت بذلك أعيننا، لكننا نفتقد مشاركتكم ولذلك نبكيكم..
قالت الطبيبة إن في بطنها بنتين، فرجوت أن يكونا في طفولتهما كحليمة وريم، وفي صباهما كآية ومريم، وفي شبابهما كأم عبد الرحمن وأم أسامة، وفي ختامهما كأمي وأم علاء! ونرجو من الله أن يبارك فينا، ولكننا سنظلّ نبكيكم!


ابنتك ولاء يا أبي، صابرة ثابتة.. كما ربّيتها تمامًا..
لقد فتحت لها باب الثلاجة على ستة عشر، هم أحبّ الناس إليها وأقربهم منها، فما قالت كلمة لا ترضي الله .. ولا ترضيك..
إنني إذا أردتُّ مدحها، أو سألني أحد عنها، قلت: هي ابنة أبي وأمّي..
إنها تشبه أمّي كثيرًا يا أبي، وفي ذلك لنا عزاء.. لكننا إذا رأيناها افتقدنا أمّنا! وهذا ما يجعلنا نبكيها ونبكيكم!


جدّتي أم زياد صابرة كما عهدتها يا والدي، وهي التي قدّمت من أولادها أكثر من عشرين، وأهلك يا أبي أهلنا كما كانوا على عهدك، وأكثر بعدك.
إننا سعداء بهم يا أبي، لكنّ رحيلكم –ولستم قلة كيفًا وكمًا- قصم ظهورنا وظهورهم، لذلك يبكونكم، ونحن معهم نبكيكم..

اعتكفنا العشر الأواخر في الخلفاء، كان الاعتكاف حزينًا يتيمًا، لم يغادر شباب الخلفاء سنّتك فصلّوا كلّ ليلة عشرة أجزاء في عشر ركعات، وختموا في العشر الأواخر ثلاث ختمات، لكننا افتقدناك وكاد قلبي يقف إذ دخلت قائمة الشهداء المدعوّ لهم في كل وتر! وزادني حزنًا أنني لم أجد غسان ولا عبد القادر حولي وعزّ عليّ ألا يكون لي إخوة صغار، فبكيتكم كثيرًا .. وطالما سنبكيكم!


أخوك إسماعيل هنية..
إنه أخوك فعلًا يا أبي، وقد كان كما أخبرتني ذات ليلة إذ قلت لي:
إن نفس "أبو العبد" فينا كنفس الشيخ أحمد ياسين!
إنه يحبّ الشهداء يا أبي وذوي الشهداء، ويتبع سنّة حبيبنا محمّد عليه السلام التي كنت تنشرها، وتصدح في دروسك بقوله صلى الله عليه وسلّم: "إني أرحمهما.. قتل أخوهما معي"!
لقد كان عمّنا يا أبي، ولولا أننا لا نرى لك بديلًا لكان أبانا، وزارنا يا والدي مرارًا، واستحلفنا بالله إن احتجنا شيئًا أن نعتبره أقرب الناس، وقد كان كذلك يا أبي، وقد سعدت بثقتك، وفرحت بفراستك.
إنه يحترمنا إذا كلّمنا، ويكرمنا إذا قابلنا، ويعاملنا أفضل مما لو كنت حيًا، وقد أعجبنا ذلك منه كثيرًا، واطمأنّت إلى ذلك قلوبنا لأن قائدًا يحمل كلّ هذا الوفاء هو أهل لتوفيق الله عزّ وجلّ!
قلة يا والدي يتحلّون بالوفاء في هذا العالم، وأقلّ منهم يحملون ما يحمله أبو العبد منه!
كم أسعدنا كرمه، وأقرّ أعيننا وفاؤه، لكننا يا والدي حين نرى ذلك منه نتذكّر طيب أخلاقك، وعلوّ سماتك، فتثور لواعج الشوق لدينا، فنبكيكم!

أخوك فتحي حمّاد يا أبي، إنه أيضًا أخوك..
وقد بكاك ونعاك، وأحسن رثاءك إذ رثاك..
إنه كثيرًا ما يذكرك، وطالما افتخر بك، وقال: إنه –يعنيك يا أبي- أول شيخ لي في الدعوة، وأول مسئول في التنظيم..
اتّصلت به بعد تولّيه الوزارة ثلاث مرّات، فقال في كل مرة: تعال الآن!
وكان في إحداها متعبًا وفي أخرى مشغولًا، فلم يعتذر وقد كان بوسعه الاعتذار، وجلس إليّ ذات مرة وقد غادر اجتماعًا، فبقي معي، واحتفى بي وأكرمني، ولم يعد إلى اجتماعه حتى استأذنت، ففرحت به وسعدت، وفرحت له ثانية إذ أكرمه الله بمولودين ذكرين سمى أحدهما باسمك، والآخر باسم قرينك الشهيد القائد سعيد صيام.
لكننا يا والدي كثيرا ما رأيناك معه، وإذا رأيناه تذكّرناك.. فمن أجل ذلك نبكيكم!

أخوك أبو الناجي الخضري يا أبي..
إنه أيضًا أخوك بحقّ..
لا يكلّمنا إلا ودموعه في عينيه، وإنه يخجلنا بتواضعه وبالغ كرمه، وقد كانت المؤسسة التي جمعتك به –ولعلّها بعض ما يجمعك به- مؤسسة كريمة ووفية أيما وفاء.
إن إخوانك في "الجامعة الإسلامية" –وعلى رأسهم أخوك أبو الناجي- كانوا نموذج أخلاق، وقد احتفوا بنا يا والدي، وأكرمونا بعدك، وأخلفوني مكانك، ثمّ لم يفوّتوا فرصة لتكريمك والإشادة بك.
وقد أطلقت كلّيتك يا والدي مؤتمرًا علميًا يحمل اسمك، يرأسه أخوك الدكتور نسيم ياسين، فبوركت الهمم.
لقد أسعدني ذلك يا والدي وواساني، لكنني كنت أحبّ أن أكون شريكك لا وريثك! لذلك بكيتك إذ دخلت مكتبك، وطالما سأبكيك!

الرجل الأبيض الخلوق الذي عرّفتني إليه في المكتبة يا أبي، وجلس إليك خمس ساعات متواصلات.
كنتَ أخبرتَني أنه صاحب خلق وذوق، لكنني انبهرت بالواقع إذ عايشته، وقد علّمتني يا أبي أنه "ليس الخبر كالعيان".
إنه من أوفى إخوانك إليك، وأحسنهم معاملة لأهلك..
يعاملنا بما لا يعامل به كبار القوم، وأصحاب المراتب والرتب، ويخجلنا إذ نقول له: يا عمّ، فلا يقول إلا: يا أخي!
إنني يا أبي إذ أجالسه أتخيّل كم من الكرام فاتني أن تعرّفني بهم، وكم من أصحاب المعادن الثمينة مثل هذا الكريم قصّر العمر دون أن أتعرف بهم، لذلك يا أبي لا أنفكّ أبكيكم!
لن نفتح اليوم عزاءً لأنك علمتنا أنه بدعة محرّمة، وسنذهب نصلّي العيد نفرح مع المسلمين، لكنني يحزنني ألا تكون خطيبنا اليوم كما تعوّدنا.. ويفطر قلبي أنني لن أبدأ جولة العيد ببيت أهلي .. لذلك يا أبي لا تلمني إن بكيتكم وبقيت الدهر أبكيكم!
إنني يا أبي لو انطلقت أحدّثك عن أسباب بكائنا إياكم، لا سيّما والتكبيرات تصدح صباح هذا العيد، لن أنتهي.. لكن هذا بعض ما يحضرني وتخنقني عبراته، ولا أعلم إن كان سيعجبك هذا منّي أم لا.. لكنني لا أقول لك إلا كما كتبت لك ذات مرّة في حياتك:


يــا والدي إن لأعــلم أنــه ***** قد لا تســرّ بشـعري الدفـّاقِ
فاغفر –رعاك الله- كم من شاعر ***** رفض السكوت بثورة الأشواقِ

Labels: ,

ما بين حماس وجند الله..!

السلام عليكم..

آلمني بشدة للاسف الشديد ما حدث في رفح بغزة كما آلم اناس كثيرون...وآلمني اكثر الفهم المغلوط لدى كثيرون الناتج من التعصب.. فهذا متعصب لحماس بشدة وهذا متعصب للسلفيون بشدة وكل يتعامل على الحقائق وان حاول ان يظهر نفسه بمظهر المحايد لينصر فريقه.. بيان علماء السلفيين باليمن وكتاب السلفية الجهادية ومواقع الاخوان خير دليل على ذلك..!


سنحاول ان نمر مروراً سريعاً لضيق الوقت لكن ربما نختلف فقط عن المقالات المنشورة في هذا الموضوع..ان المعلومات هي من ناحية المصدر.. لن نعتمد على الاعلام وتشوشاته اطلاقاً وانما سنعتمد على مصادرنا داخل غزة..!


*الاول ليس معنى ان حماس تعرضت لاسوأ حصار في القرن العشرين وتحملت معاناة لو تحملتها عشرات الحركات الاسلامية غيرها لسقطت في ايامها الاولى.. ليس معنى ذلك ان تناصر على اخطائها.. بل مناصرتها تكون بتبيان الصواب لها وارشادها للحق فانها لو سارت في طريق الخطا وناصرناها فاننا نساعد بايصالها الى طريق فنائها..!


* مبني على ذلك عدم الموافقة النهائية على القسوة المفرطة التي تعاملت بها حماس والتى حدثت بعد اغتيال مسئول كتيبتها الشرقية في رفح اثناء وساطته لحل المشكلة وبعض رجال القسام غدراً.. نتج عن ذلك الغدر قسوة مفرطة من رجال القسام وهذا ما لا يوافق عليه.. وان كان ربما الموقف الذي فيه يعذرون عليه وهم يرون اخوانهم يسقطون غدراً لكن في النهاية القيم التى تحكمنا تعلو بنا فوق الغضب والمشاعر..!


* مبني على ذلك ايضا رفض حملة التشويه التى قامت بها حماس كرد فعل مضاد بعد قرابة السنين من الحملة التى بداتها القاعدة بداية من الظواهري وبن لادن الى منتديات القاعدة.. فاذا كنا نختلف مع القاعدة اختلافاً تاماً فكراً واجتهاداً وعقلاً ونرى انهم قد غلوا بشدة فان هذا لا يعني ان نسقطهم تماماً من الخريطة وانهم لم يقدموا شيئاً قط.. فبطولات رجلاهم واشاوسهم في العراق والصومال خير دليل واقصى الضربات واوجعها التى تلقاها الامريكان في العراق كانت من دولة العراق الاسلامية التابعة للقاعدة واوجع الضربات التى اخرجت المحتل الاثيوبي من الصومال كانت من حركة شباب المجاهدين التابعة للقاعدة.. ولا يخفى على احد الان بطولات اشاوس طالبان والقاعدة في افغانستان التى يذوق فيها المحتل الصليبي الان اشد الضربات..!


هذا من ناحية حماس.. اما من الناحية الاخرى..


*اساس المشكلة ولبها تكمن في فكر القاعدة نفسه.. اذا وضعت القاعدة في ميدان جهاد فسترى اروع امثله الفداء والجهاد والاستشهاد والتضحية بالنفس.. لكن اذا وضعتها في مكان اخر فسيصبح اسوا الامثلة للاتجاهات الاسلامية وعملياتها داخل الدول الاسلامية وبلاد الغرب ابرز مثال..!


مشكلة القاعدة الاساس في فكرها.. فهي ترى القتال هو الحل الوحيد والاوحد لكل المشاكل وكل العقبات كل شئ يحل فقط بالقتال والجهاد.. نتج عن ذلك انهم لا ينظرون الا اسفل اقدامهم لا رؤية واضحة لاقامة دولة ناجحة اقتصادياً وعسكرياً ولا فكر ولا شئ يقدمونه في اى مجال غير مجال الجهاد وبرز هذا بشدة في ثلاثة امثلة.. حين حكموا افغانستان للاسف لم يقدموا شيئاً سوى منع الانترنت والتلفاز ومنع المخدرات... كذلك تعاملهم بعد خروج المحتل الاثيويبي من الصومال وعدم تعاملهم بحكمة وذكاء مع الحكومة العملية للغرب.. كذلك ايضاً فعلتهم باعلان ما يسمى بدولة العراق الاسلامية واعلان وزائها وطلبها البيعة من كل الفصائل قبل حتى ان يخرج المحتل من العراق مما سبب مشاكل كارثية بين الفصائل الجهادية ادى الى انتكاس الجهاد في العراق للاسف الشديد.. وكذلك اعلان عبداللطيف موسى امارته الوهمية اخيراً في غزة... ربما نتكلم عن هذا بمزيد من التفاصيل في موضوع منفصل!


المشكلة الثانية من مشكلات القاعدة.. هو الوهم الذي يعيشون فيه والخيال الذي يسبحون فيه وعدم وجود اى نوع من الفكر المنطقي والتفكير العقلاني.. نظرة واحدة الى منتدياتهم ومنظريهم مثل عطية الله الليبي ولويس عطا الله وابو بصير الطرطوسي والمقدسي واكرم حجازي و هاني السباعي لتدرك الامر..!

بالمناسبة: الاربعة الاواخر.. الاول والرابع يعيشون في لندن "بلاد الكفر" وحين ترى مقالاتهم وترى كيف لا تمسهم المخابرات والشرطة اللندنية بادنى سوء رغم اقوالهم المتطرفة وكذلك المقدسي واكرم حجازي الذين يعيشان في الاردن تحت حماية النظام العبد للصهاينة.. ورغم ذلك يجهران بمناصرتهما للقاعدة ولا تتوقف مقالاتهم التى ليس هناك اكثر منها.. بينما من يفعل اقل من ذلك بعشرات المرات يغيب في السجون سواء في اوربا او البلاد العربية... كل هذا يضعهم تحت عشرات من علامات الاستفهام..!

ربما ليس هناك سوى منظر وحيد للقاعدة لديه حكمة وفقه ونظرة للواقع ولديه فكر يحترم هو الشيخ حسين بن محمود وهو نفسه يخالفهم في بعض الامور اشهرها مسالة الخروج على الحكام والعمليات داخل بلاد الاسلام فهو يرفضها... ربما لو قام البعض بعمل سيرش على هذه الاسماء وقرا بعض مقالاتها سيدرك كثيرا مما اقوله..!


في الحقيقة ربما الوقت لا يسمح بمزيد من الاستطراد في التفاصيل.. لكن ساضع مقالين او ثلاثة.. الاول للشيخ رضا صمدي "ولمن يجهله فالرجل من كبار العلماء يكفي فقط انك حين تقرا في ترجمة الشيخ محمد اسماعيل المقدم فالشيخ رضا هو اول العلماء الموضوعين فيها في كلامه عن الشيخ محمد.. ويكفي فقط ان تعرف ان الشيخ سيد عفاني منذ فترة طويلة وهو يحاول الوصول اليه ليقدم له كتابه الجديد.. ويكفي ايضاً ان يعرف امن الدولة انك تعرف او تقرا لرضا صمدي حتى تذهب وراء الشمس :).. الشيخ رضا يقيم في تايلاند ولذلك ربما ليس مشهوراً رغم علمه الواسع.. ولديه عقلية فذة ونظرة وفكر ينم عن عقل ذكي للغاية... هذه مدونته..!


المقال الثاني للشيخ حامد العلي وهو ايمن الحركة السلفية بالكويت سابقاً قبل ان يتحول الى منظراً للسلفية الجهادية وقد كان من كبار منظري الحركة قبل ان يخالفهم في بعض الاشياء التى غلوا فيها وزادوا فيها عن العقل والشرع فاصبح يلعن ويسب الان جهاراً نهاراً منهم "وقد انتقد حسين بن محمود في اخر مقال له بشدة من طعنوا في حامد العلي لمجرد انه خالفهم"..!

انتقيت هذين المقالين من بين عشرات المقالات التى كتبت في الموضوع.. ربما لانهما من رموز السلفية وهي من يظن انها الضحية.. ولانه خصوصاً مقال رضا صمدى حلل الى حد كبير الوضع بشكل منطقي ووضع النقاط على الحروف بالنسبة لمسئولية كل طرف واخطاء حماس وكذلك جند الله..!

ربما المقالات طويلة لكلا الشيخين.. لكني اظنها في غاية الاهمية لتحليل وفهم الوضع بشكل دقيق ..!



مقال الشيخ رضا صمدي


الحمد لله الموفق للصواب ،
والصلاة والسلام على الهادي إلى مستقيم الصراط .
وبعد :
فمن أعظم نعم الله تعالى على العبد أن يوفقه للحق والقرب منه ويجنبه الباطل والقرب منه ، وخاصة في أوقات الفتن والمحن، ومن منة الله تعالى على عباده المسلمين أن جعل تلك الفتن والمحن أيسر عذابه فيهم ولم يستجب للنبي صلى الله عليه وسلم في رفعه عنهم .


روى أحمد ومسلم عن عامر ابن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى مررنا على مسجد بني معاوية، فدخل فصلى ركعتين، فصلينا معه، فناجى ربه، عَزَّ وجل، طويلا قال سألت ربي ثلاثا "سألته ألا يهلك أمتي بالغرق، فأعطانيها وسألته ألا يهلك أمتي بالسنة، فأعطانيها. وسألته ألا يجعل بأسهم بينهم، فمنعنيها".



و قال البخاري، رحمه الله، في قوله تعالى: ** قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ } يلبسكم: يخلطكم، من الالتباس، يَلْبِسوا: يَخْلطُوا. شيعًا: فرقًا.



حدثنا أبو النعمان، حدثنا حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله قال: لما نزلت هذه الآية: ** قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعوذ بوجهك". ** أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ } قال: "أعوذ بوجهك". ** أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذه أهون -أو قال: هذا أيسر" .



فمن أولى مشاهد القدر التي يجب ألا تغيب عن أعين الموحدين أن مثل هذه الفتن من مقادير الله تعالى على خلقه وعباده ، وأن له سبحانه فيها حكما عظيمة جليلة قد نعرفها وقد تغيب عنا وأن الله تعالى رحم هذه الأمة وجعل هذه الفتن أيسر عذاب يمكن أن تصاب به .


كما أن مما يجب الاهتمام والاعتناء به التفكير في كون بعض تلك الفتن بدأت تظهر بين أهل الديانة والداعين للشرع ، فإن تكرر هذه الفتن فيهم يدل على خلل وتقصير حاصل وهو يستدعي مراجعة للنفس وتوبة من كل خطأ وذنب ، ضرورة أن هذه الفتن عذاب وامتحان وابتلاء ، وهذا لا ينزل إلا بذنب ، ولا يرفع إلا بتوبة ، وقد علم بالاستقراء أن الله عز وجل يعذب ويمتحن عباده بنقيض ذنوبهم ، فلو ابتغوا اللذة في المعصية عذبهم بالأمراض والأسقام ، ولو بغوا في استعمال المال بعد الغنى والرفاه ابتلاهم بالفقر والضنك ، ولو تحزبوا وأعجبوا برأيهم ومالوا عن إخوانهم رغبة في السلطة والنفوذ والجاه ابتلاهم الله بالذل والانكسار وضياع المصالح.


فلو كان العذاب الحاصل هو البأس الشديد بين المسلمين ونزاعهم واقتتالهم وذهاب ريحهم فيكون أصل الذنب الذي عذبوا عليه هو تفرقهم وعدم اجتماعهم وتوحدهم .

ومما يجدر بأهل الإيمان الاتعاظ به هو ما تشير إليه الحادثات من بصائر وتنبيهات ، فإن في المقادير التي بثها الله تعالى في خلقه بصائر ومواعظ لمن ألقى السمع وهو شهيد .

ثم عليهم بعد ذلك النظر في أحكام الشرع التي يجب عليهم تنزيلها على محنتهم والقيام بما أمر الله تعالى به في زمان الفتنة إظهارا للتوبة والإنابة وتحقيقا لمعاني العبودية التامة التي هي من أهم شروط الإصلاح .


وفتنة الاقتتال إذا وقعت بين طوائف الأمة المسلمة كان الناس منها على ثلاثة أقسام :

الأول : هم من استقل وسعى بين الطائفتين بالإصلاح .

الثاني : فهم من أمسك لسانه ويده عنها واعتزلها ولم يتدخل فيها وتركها ألبتة .

الثالث : وهم من انحاز إلى إحدى الطائفتين بالقول أو بالفعل بتأويل سائغ أو غير سائغ.

وأسعد الناس هم القسم الأول ثم الذي يليه ثم الذي يليه .


فالقسم الأول قائموا بما أمر الله به نصا في كتابه الحكيم ، حيث قال تعالى :
{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } [سورة الحجرات: 9].


والقسم الثاني ممتثل لما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم باعتزال الفتن وترك الاقتتال وعدم الخوض فيها ، والأحاديث في الباب مشتهرة مستفيضة .

أما القسم الثالث فإن كانوا من أهل الاجتهاد ثم تأولوا في قولهم وفعلهم تأويلا سائغا كان لهم نصيب من الأجر إلا أنه يكون مرجوحا وضعيفا بقدر بعدهم عن العدل والقسط .


والله عز وجل قد خاطب الأمة كلها أن تصلح بين الفئتين المقتتلتين ، فدل على أن الطائفة المصلحة ينبغي أن تكون هي الجمهور أو هي الطائفة المنصورة أو التي على الحق وإلا لما توجه لها الخطاب بالإصلاح أصلا ، ضرورة أن الساعي في الإصلاح يجب أن يكون هو الأصلح .


ولما كان ذلك كذلك علمنا أنه ما قام أحد بالإصلاح بين الطائفتين إلا كان هو الأصلح والأقوم في طوائف هذه الأمة قال تعالى : ( إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم ) وقال تعالى : (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم .. ) .


وإذا كانت الفتنة والبلاء في الاقتتال بين المؤمنين كان الإصلاح هو في دعوتهم لتركه ونبذه، ومن سعى بخلاف ذلك كان من الساعين في الفتنة من الداعين إليها .


وليس معنى الإصلاح أن نمسك عن الحكم بين الطائفتين أو نمسك عن تعيين المصيب والمخطئ فيهما، بل إن تعين الصواب والخطأ والمصيب والمخطئ قد يكون لازما للإصلاح وترك الاقتتال .


وبناء على ما تقرر آنفا فإن الفتن التي حصلت بين حركة حماس الإسلامية وجماعة جند أنصار الله تحتاج إلى الإصلاح وليس الاعتزال ، كما تحتاج إلى النصح وتقرير الأحكام وبيانها وليس السكوت والإمساك عن بيان حكم الله تعالى في المخطئ والمصيب ، ويجب أن يكون حادي الجميع شرع الله تعالى وحكم كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .



وأُجمل رأيي في الأحداث فيما يلي :


1-
حكومة حماس حكومة إسلامية شرعية ، منطلقاتها إسلامية ، قادتها مسلمون عرفوا بالدعوة والجهاد لأجل إقامة الدولة الإسلامية مزكون من أغلب علماء الأمة لهم تاريخ واضح ثابت في الدعوة للدين وإقامة شعائره والدعوة لتعظيم الشرع ومعاداة أعداء الدين المعروفين في هذا الزمان كاليهود والأمريكان ، وبالنظر والسبر في سيرة حكمهم وطريقتهم في إدارة مناطقهم يعرف بالتواتر حرصهم على أحكام الشرع وتطبيق مافيه والدعوة إليه والقتال من أجله ، والخلاصة أن حكومة حماس حكومة شرعية ( بالمعنى الشرعي الخاص أي شرعية إسلامية ) وقد ثبت بالتواتر تأييد أغلب أهل الحل والعقد لقادة هذه الحكومة ومناصرتهم لمبادئها كالعلماء والمجاهدين والسياسيين ، وحركة حماس تحققت لها القوة والسلطة والغلبة بشروطها المعتبرة ، ومثل هذه الحكومة لا يمكن أن يقال عنها إنها حكومة غير إسلامية . أما إن كان المقصود بأنها حكومة غير شرعية لأنها مُقالة من حكومة أبي مازن فهذا أيضا من أبطل الباطل ، فالواقع أن حكومة حماس منتخبة من الشعب وقادتها الذين هم على سدة الحكم منتخبون من شعبهم وليس للرئيس سلطة إقالة المنتخبين لأن أبا مازن نفسه في شرعية رئاسته كلام واعتراض .


2-
عدم إعلان حماس لتطبيق الشرع أو إعلانها أنها لا تريد تطبيقه في بعض المناسبات قد عرفنا واستبنا أنه على غير معناه الظاهر ، وأن المقصود منه صرف كيد أعداء الدين حتى لا تنشغل الحركة بجبهات أخرى في تبرير تطبيقها للشرع وقيامها به مع أنها مطبقة له بالفعل ، وهذا لا ينفي وجود التقصير والخلل ، مثل التهاون في تطبيق الحدود الجنائية أو النهي عن المنكرات بكل أنواعها ، ولكن هذا لا يكون سببا كافيا في تكفير حكومة حماس بحال من الأحوال لأنه ثبت بالتواتر أنها لا تنكر هذه الأحكام ولكن لها أعذار في تأجيل تطبيقها ويعتبرون أن تلك الأعذار شبيهة بعذر عمر في إيقاف العمل بحد السرقة في عام المجاعة ، ومثل هذا يقال عن أي تقصير لهذه الحركة أوا لحكومة ، مثل ما يقال عن تقصيرهم في العمليات الاستشهادية بعد تقلدهم الحكومة أو تقصيرهم في جهاد اليهود وتعاونهم وتحالفهم مع الرافضة ومع بعض الدولة العلمانية فكل ذلك لو كان منه ما هو تقصير وخطأ شرعي إلا أنه لا يرقى أن يكون سببا في تكفير تلك الحركة أو الحكومة ، وحماس في هذا إما أنها قد اجتهدت اجتهادا سائغا أو غير سائغ ، فلها من الأجر والإثم بقدر ما أصابت أو أخطأت وقصرت .


3-
وابتناء على ماسبق من أن حكومة حماس حكومة إسلامية شرعية فإن حقوق الولي الأمر الشرعي تجب لها شرعا ، كما يحرم على من تحت ولايتها وسلطتها ونفوذها الخروج عليها أو الافتئات على حكمها وسلطتها إلا أن تكون أتت بكفر بواح . وسائر ما يقال في ولي الأمر الشرعي من لزوم الصبر على ظلمه متحققة في حكومة حماس ، ومن سوغ الخروج على حماس أو الافتئات على حكمها وسلطتها ونفوذها وإعلان حكم إسلامي مستقل عنها لا ينفك عن حالين : الأول : أن يعتقد كفر حماس نوعا وعينا ، ولو اعتقد هذا فهو مبتدع من طائفة الخوارج الذين يجب أن يُقاتلوا بالطريقة الشرعية ، والحال الثانية : أن يعتقد جواز الخروج على الحاكم الفاسق وهذه أيضا بدعة يسوغ مقاتلة أصحابها بالطريقة الشرعية المعتبرة .



4-
جماعة جند أنصار الله جماعة جهادية صغيرة ليست لها سلطة ولا ولاية ولا نفوذ كما أنها تفتقر إلى القادة المحنكين من ذوي الرأي والعلم ، ولأجل ذلك وقعت في أخطاء كبيرة أدت إلى هذه الفتنة من أهمها :



أولا : تكفير حماس ، وهذا واضح من كثير من عبارات الدكتور عبد اللطيف آل موسى رحمه الله ثم من إعلان الإمارة .

ثانيا : اعتبار ضم مسجد ابن تيمية من الخطوط الحمراء مع أن مؤاخذات تلك الجماعة على حماس فيها ما هو أعظم من هذا .

ثالثا : عدم استشارة أهل العلم من المجاهدين أو العلماء غير المجاهدين لمعرفة رأيهم فيما ذهبوا إليه من الاجتهاد .

رابعا : ابتناؤهم الأحكام والأفعال والتصرفات والمواقف على الرؤى والمنامات ، وهذا من أمارات أهل البدعة ،

خامسا : تترسهم في المساجد والبيوت مع أن القضية برمتها لا تحتاج إلى كل هذه المواجهة .

سادسا : تترسهم بالعبوات الناسفة لتفجيرها في عمليات استشهادية مع أن أيا من شروط العمليات الاستشهادية لم يتحقق في حالتهم تلك وهذا من قلة الفقه في الدين .

سابعا :اتخاذهم المسجد يوم الجمعة ميدانا لاستعراض القدرات العسكرية والبيانات الحماسية بدون سبب شرعي معتبر هذا مع ما خالط شعائر صلاة الجمعة من أخطاء شرعية مثل الهتافات والتكبيرات وكل ذلك أبعد ما يكون عن هدي السلف ، ولا شك أن هذه التصرفات جعلت حكومة حماس تنظر نظرة الريبة لجماعة جند أنصار الله وتعطيها المسوغات للتعامل معها من منطلقات عسكرية بحتة . صفوة القول أن جماعة جند أنصار الله قد أخطأت خطأ بينا في بيانها وموقفها من حماس وأنها بذلك تكون في حكم الخارج على طاعة ولي الأمر الشرعي وأي تقرير للمسألة بعيد عن هذا التصور سيكون بعيدا كل البعد عن أحكام الشرع المطهر .



5-
ما أقدمت عليه جماعة جند أنصار الله لا يجوز من الناحية الشرعية حتى لو صح ما ابتنوه من مقدمات ( وهو كفر حكومة حماس ووجوب قيام الإمارة الإسلامية المطبقة لشرع الله ) لأن المتأمل في الوضع يجزم بحصول الفتنة وإراقة الدماء ، كما يجزم بعدم تكافؤ القوى بين الطرفين ، وأن الضحايا الأبرياء لا بد أن يكونوا وقود المعركة والتي ستنتهي لا محالة في صالح الأقوى ، فالمغامرة بتعريض أهل الصلاح والخير للهلكة دون أية مصالح شرعية معتبرة ليس من شرع الله في شيء .



6-
الظروف التي يمر بها المسلمون في العالم أجمع وما يمر به إخواننا المسلمون في فلسطين يحتم على الجميع التعامل مع الأحداث بروح الجماعة وبمنطق المسئولية الجماعية، ولا يسوغ ونحن أمام عدو مشترك حشد كل أعداء الدين للوقوف في صفه حتى العلمانيين من بني جلدتنا صاروا يدا واحدة معهم ضدنا وأعني بهم النظام العلماني العميل الواضح بقيادة أبي مازن محمود عباس، فلا يسوغ والحالة هذه أن نتفرق لأدنى اختلاف ونتشرذم لأقل إشكال .



7-
ما قامت به حماس وهو مواجهة الخارجين عليها جائز من حيث المبدأ ، ولكن حماس وقعت في أخطاء كبيرة مخالفة للشرع المطهر منها :



أولا : على ضوء المعلومات المتاحة لم يثبت أن حماس مارست دورا إصلاحا إرشاديا لجماعة جند أنصار الله وغيرها من الجماعات التي تخالفها فكريا بل يبدو أنه لم يكن هناك أي تنسيق أصلا بناء على أن أغلب قادة تلك الجماعة منشقون عن كتائب القسام ، وهذا التقصير كان له دور في نمو تلك الجماعات وتعاظم أتباعها .

ثانيا : كان يجب على الحاكم الشرعي إذا خرجت عليه جماعة أن يتشاور معهم ويسألهم عما ينقمون منه ويجيبهم إلى ما يطالبونه إن كان حقا ويزيل الشبهة عنهم إن كانوا على فهم خطأ ، وكل ذلك لم يكن .

ثالثا : العلاج الأمني من الناحية الإدارية ليس هو الحل الحاسم كما أنه ليس دليلا على السيطرة الكاملة ، بل إن العلاج الأمني دليل العجلة في الغالب والنظرة القاصرة للمشكلة ، وبناء على ذلك فإن إقدام حكومة حماس على التعامل مع جماعة جند أنصار الله بالطريقة العسكرية قبل استنفاد الوسائل السلمية يدل على إفلاس حقيقي للقيادة تجاه إشكال تنامي تلك التيارات كما يدل على عدم نضج قيادة القسام التي كان الضغط على الزناد أسهل شيء بالنسبة لها ! .


رابعا : استهداف الخوارج وقتلهم صبرا أو تقصد قتلهم بهذه الطريقة مخالف لهدي الصحابة رضوان الله عليهم في قتال الخوارج والبغاة ومجرد قتلهم لأحد القيادات التي توسطت ( إذا صحت الرواية أن جماعة جند أنصار الله هم من بدأوا بالضرب والقتال ) فليس كافيا في اقتحام المسجد وضربه أو اقتحام البيوت وضربها بهذه الطريقة الوحشية .


خامساً : لو صح أن جماعة جند أنصار الله أصحاب فكر تكفيري وأنهم يكفرون حماس والقسام وأنهم تسلحوا واعتصموا في المسجد لأجل المواجهة مع حماس فهذا بحد ذاته لم يكن كافية لإحداث تلك المواجهة ، لأن المواجهة تقتضي موت الكثير وأي عملية حسابية بسيطة لأي قائد ميداني كان يستطيع أن يخمن سقوط العشرات من القتلى ، ومثل هذه العملية كانت تحتاج إلى تمهل واستشارة للعلماء وأهل الخبرة والتجربة ، والأخوة في حماس لم يكونوا على عجلة من أمرهم لأنهم جماعة جند أنصار الله كانوا محاصرين وكان من الممكن للمفاوضات أن يطول أمدها أكثر مما حصل .


وصفوة القول أن ما فعلته حماس في عملية اقتحام مسجد ابن تيمية ومحاضرة الدكتور عبد اللطيف آل موسى خطأ شرعا وتقنية ، ومع التحقيقات التي تُجرى ضد جماعة جند أنصار الله يجب إجراء تحقيقات مع القيادات الأمنية في الحكومة الفلسطينية التي سارعت إلى اتخاذ تلك القرارات الجريئة في الدماء دون ترو وتمهل .


8-إن كل المحاولات الجارية من حكومة حماس أو من جماعة جند أنصار الله لمزيد من المواجهة والانتقام لهو من الأخطاء القاتلة الأخرى التي ستنضاف إلى رصيد الأخطاء الذي وقع فيه الطرفان ، ويجب على العقلاء من كل الطرفين الرد إلى الشرع والإنابة إليه والتحلي بالحكمة والعقل ، وهذا ما دعا إليه كل علماء الشرع في العالم ، ويجب على أهل الحل والعقد في كل أنحاء العالم الإسلامي أن يوجهوا نداء إلى الأطراف المتصارعة أن تلقي السلاح وأن يجلسوا على مائدة البحث والتشاور من منطلق الأخوة الإسلامية لحل المشكلات العالقة بينهما ...



هذه جملة من الرؤى والنصائح التي بدا لي ضرورة عرضها وبذلها لأخواني في كل مكان، تكونت بعد التروي والتمهل في جمع المعلومات والتقصي والتحليل ، وقد بذلت جهدي لا آلوا في تلمس العدل والقسط وإنصاف كل طرف وقول الحق ولو كان مرا سائلا الله تعالى أن يجل كلامي هذا ونصحي هذا في سبيله ولأجل إعلاء كلمته وأن ينفع بها قلوبا غلفا وأعينا عميا وآذانا صما ، وأن يؤلف بها بين المتخاصمين وأن يجمع بها شمل المتفرقين وأن يوحد بها صفوف المؤمنين الموحدين ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
------------------------------
-----------
-------------------------------------------------------

مقال الشيخ حامد العلي


أربعوا على حماس ، وارحموا الأنصار
حامد بن عبدالله العلي
أوغل في الخطأ من لايريد أن يتعامل مع ما وقع في غزَّة أنه فتنة يجب السعي لإصلاح ذات البين فيها ، والكفّ عن إهراق الدماء من الطرفين ، كما الكفّ عن نقـل الإتهامات المتبادلة ، وعن التحريش بين المؤمنين .
وأبعـد منه من يدعو إلى إستمرار إثارة الهرج ضد حكومة غزة ، منكراً الدعوة إلى إعذارها في اجتهادها السياسي ، والإداري ، وإلى التعاون معها ضدّ من يتربّص بغـزّة من عدوّ الله ، والإسلام .
فهل يريد هؤلاء أن تقتـحم بعد هذا الهـرج ، مدرّعات سلطة عباس التي أهداها لها دايتون ، تقتـحم على حطامِ هرجٍ أعمـى ، وليقول دعاتـه بعد أن يُسقط في أيديهم : كانت والله سياط حماس تلك ، أهون من جحيم عباس هــذا !
ورحم الله قتادة إذ قال : ( لو أنَّ الناس كانوا يعرفون منها ـ يعني الفتنة ـ إذ أقبلت ما عرفوا منها إذ أدبرت لعقل فيها جيلٌ من الناس كثير) .
لسنا هنا ننكر على من ينتقد حماس ، وقد أنكرنا عليها من قبل ـ وسنبقى ـ حتى أغلظنا ، فوجدناها رحبة الصدر ، مُلقية السمع ، إذْ كنـّا ننقد بلسان ، نعطي منه أكثر مما ننقد ، وكان في إطـار التناصح بين الحركات الإسلامية ، التي تبقى دائما بينها رابطة الأخوة الإسلامية إطـاراً يجمعهـا ، ولا يفرّقهـا .
ولكن المستنكر والله كلّ المنكر ، هذا التداعي إلى إعلان غـزّة الجريحة ، المحاصرة ، التي يعاني أهلها الجوع ، والفقر ، وكلَّ أنواع البلاء ، التداعي إلى إعلانها ساحة حرب جديـدة ، يتفـرَّج فيها الصهاينة على الضحايا يسقطون باليد الفلسطينية ، ليقولوا للناس : انظروا هؤلاء الذين أشفقتم عليهم من صواريخنـا ، إنهم لايستحقون غيرها .
وأما سلطة دايتون القابعة في غزة ، فسيتخذون ألسنة دعاة هذه الفتنة ، سيوفا يذبحون بها في غزة ، من عجـزوُا عن ذبحـه في سجون الضفة ، وسيجعلونها جسراً يعبرون عليه إلى حيث كانوا يتآمرون على فلسطين وأهلها .
ولا يستبعد أنّ ثمّـة مكـرٍ خفيِّ وراء ما جرى في رفـح ، ولم يكن هؤلاء الشباب فيه إلاّ وقـوداً له ، وهـم لايدرون من يقدح زنـاده وراءهــم ، كما يحدث في مواطـن أخـرى !
وأيها القوم إنَّ غـزَّة تختلف عن كلِّ ما سواها من مواطن الجهاد ، وإنَّ معادلة فلسطين أعقـد من أنْ يقودهـا ، أويُترك الرأي فيها ، لكلّ أحـد .
إنـّه مكر بني صهيون بكلِّ ما فيـه ، يمـدُّه الغرب بأسـره بكل ما يعطيـه ، وينفذه أزلام السلطة الخائنة ،
وقد تراكمت عنـد حركة المقاومة الإسلامية خبرة عظيمة في التعامل مع هذه المعادلـة ، وأثبتوا أنَّ قدرتهم على الصمود أقوى من الدول ، وعلى المواجهة المسلحة أشدُّ من الجيوش النظامية ، فهم أدرى بمكة وشعابها ، وأعرف بأرضها ، وضرابها.
والصهاينة بالإتفاق مع سلطة عباس دايتون ، يعدُّون لحرب قادمة لإجتياح غـزة ، بعدما فشلت الحرب الماضية ، فشلا ذريعا ، في أعادة دحلان وأزلامه الذين كانوا ينتظرون في رفح المصرية ليتسلَّموا غزة كلَّها من ( مسجد ابن تيمية ) إلى آخر مصلى فيها ، بعد قصف صهيوني جحيمي لايبقى ولايذر ، حتـَّى رماهم الله بالخزي ، فارتدُّوا على أعقابهـم خاسئين ، وأنزل الله نصـره .
وما استمرار الحصار إلاّ لأجل هذه الحرب القادمـة ، والصهاينة غير خافٍ عليهم أنَّ حماس إنما تريد أن تكسب الوقت بالتهدئة ، لتعيد تنظيم الصفوف في هـدوء ، بعيدا عن بهارج الإعـلام ، ولإدخال السلاح ، استعداداً لتلك الحرب ، حتى دخلت صواريخ تصل إلى تل أبيب ، وأنَّ هدف حماس من فك الحصار ، إثبـات قدرة المقاومة على حلِّ القضية الفلسطينية ، وفشل مسارات الوهم التي تُسمـَّى : السلام ،
فالمعادلة إنما تدور على هذه الفكـرة ، التي قادها الشيخ أحمد ياسين ، وهي :
(المقاومة هي الحـلّ الوحيـد إلى الحقوق ، غير أنها تواجه عدوَّا واسع التأييـد ، عظيم القدرات ، فهـي بحاجـة إلى مشروع متكامل ، شعبي ، إعلامي ، إداري ، سياسي ، عسكري ، معنوي ، مادّي ، ولـن تصل إلى هدفها إلاَّ عبـر مراحـل ، كما أنهـا تحتاج إلى صبـر ، وستضطـرّ إلى المناورة السياسية ، ما قد يبدو تنازلا وليس كذلك ، وفي قصة الحديبية قـدوة ، وفي سيـر السابقيـن أسـوة) .
وإنَّ الفوضى ، والإرتجالية ، والعشوائية ، والقفز على المراحل ، كما يحدث في بعض مواطن الجهـاد ، لـن تصنع شيئا في مقاومة الصهاينة في فلسطين ، إلاَّ القضاء على مشروع التحرير الفلسطيني ، ثـمَّ البكـاء عليه .
إنَّ حكومة غـزّة لم تُحاصر ، ولم يُستهدف قادتها ، ولـمْ يُزج بأنصارها في سجـون الضفـَّة ، حتـَّى صاروا بين قتيـلٍ ، وأسـير ، ومن هو تحت التعذيب ، ولم تتآمـر عليهم الأنظمة العربية الخائنة ، ولم يقـدِّم قادتها أنفسهم ، وأبناءهم ، وإخوانهم ، وأموالهم ، رخيصـةً دفاعا عن الأقصى ، لم يحـدث هذا كلُّه لهـم ، لأنهَّم خونـة ، يقاتلون في سبيل الدنيـا !!
لـم يحـدث هذا لهـم إلاّ لأنهّـم حركة إسلاميـّة ، تربـَّت في محاضن القرآن ، وتعلَّمت كتب الفكر الإسلامي ، ونشأت في بيوت الله ، فصامت ، وزكـَّت ، وصلَّت ، وحجَّبت نساءها ، وحفَّظت أولادها القرآن ، وجاهدت حتى قدمت آلاف الشهداء ، و الأسرى ، والجرحى .
هذه هي صورتها في أعين الأعداء ، وهذه هي حقيقتها ، ومنكر هذا كلَّه أعماه التعصّب ، وأغلق عليه الحسد رؤية الفضـل .
فلأيِّ شيء لعمري هذا التداعي إلى حربها سوى الدعوة إلى فتنة لن يجنـي منها إلاَّ الصهاينة ، وسلطـة الخبثاء الجواسيس في رام الله ، مالـم يجنوه بدباباتهم ، وجيوشهم ، وطائراتهم ، ومكرهم الليل ، والنهار ؟!
ثمَّ إنها رأت أنَّ من أهم أولوياتها رفع الحصار عن شعب يعانـي أشـدَّ المعاناة منه ، حتّى صار 40% من مواليد غزة مصابـين من فقـر الدم ، رفعـه مع الحفاظ على ثابت إستمرار المقاومة ـ وليت شعري ـ إنَّ هذا تحقيق هذا التوازن أشـقَّ من حمل الجبال الرواسي ، إذ كان هدف الحصار إنـّما هـو فـضّ الناس عن خيـار المقاومة أصلا ، حتَّى يركعوا للمشروع الصهيوني الذي لن ينتهي دون إهدار كلِّ الحقوق الفلسطينية وعلى ظهر سلطة دايتون في الضفة .
فكيف إذا أضيف إلى هذه المهمـّة الشاقّـة ـ وفي نفس الوقت ـ سعي حماس لصناعة مشروع التغيير الإسلامي الشامـل في غـزّة ، بحيث يبقى شعبها الجائع ، المحاصر ، محافظاً على المقاومة ، ومتقبـِّلا لمشروع الحكـم الإسلامي ؟!!
أفلاَ يسعهم ما وسع الخليفة عمر بن عبدالعزيز رحمه الله ، كما نقل عن الذهبي في تاريخه ، عن ميمون بن مهران ، سمعت عمر بن عبدالعزيز يقول : ( لو أقمت فيكم خمسين عاما ما استكملت فيكم العدل ، إني لأريد الأمر من أمر العامة ، فأخاف ألاَّ تحمله قلوبهم ، فأخرج معه طمعا من طمع الدنيا ، فإن أنكرت قلوبهم هـذا ، سكنت إلى هذا ) تاريخ الذهبي 4/170
وفي البداية والنهاية ( وإني لأريد الأمر ، فما أنفذه إلاَّ مع طمع من الدنيا ، حتى تسكن قلوبهم ) 9/200
،
وإنّ هؤلاء المتعجّلين يريدون أن تقيم حماس في يوم ما يعجز عنه عمر بن عبدالعزيز في خمسين عاما !
،
ألا فدعوهم ـ ويحكم ـ وما تأوَّلوه فيما تحملـُّوه ، من النقلة بالناس شيئا فشيئا إلى سماحـة الإسلام ، وكفـُّوا عن القوم ماداموا في وجاهة أشـدّ الناس عداوةً للذين آمنـوا ، فوالله إنَّ الذين يرمون سهامهم على حماس ، لايقدرون على إنجاز عشر معشار ما أنجزوه حتى الآن ، في ظلِّ ظروفهـم .
فما أسهل أن تتكئ على أريكتك منتقداً قوما محاصريـن ، تكالب عليهم الأعداء من كلِّ حدب وصوب ، فأسراهم بالآلاف ، وقتلاهم مثلهم ، وكلَّ يوم يُزفّ عليهم نبأ شيخ قتيل تحت تعذيب أزلام دايتون ، أو أسير في يد الصهاينة ، أو غارة صهيونية عليهم ، ما أسهل أن تفعل هذا وتنسى ما هم فيه من البلاء العظيم !
أما جند أنصار الله ، فندعو حماس إلى القيام بواجب الراعـي المشفق على رعيّته ، لا العـدوّ الممعن العداوة ! ففي الحديث : ( شـرُّ الرّعاء الحطمة ) ، والله تعالى سيسأل عن دماءهم ، كما لا يصح البتـّة تشويه سمعتهـم ، فحتـَّى أهل الجاهلية كانوا يكفـُّون عن مثـل هذا ، فكيف ونحن ندعو إلى الخلـق الإسلامي !
وإذا ملكت فأسجـح ، والبغي من ذي السلطة أقبح ، فإن أراد به أن يحسَّن صورته ،فسينقلب عليه شينـاً في أعين الناس ، وتلك ـ والله ـ سنة الله ، لايعاجزها أحدٌ إلاّ هـوى .
كما يجـب عليها أن تأخذ المخالفين لها من السلفيين ، وجماعة الجهـاد ، وغيـرها بالرفق ، واللين ، والأخوة الإيمانية ، وتعامل الجماعات الأخرى بالحُسـنى ،
وأن تدع للناس مراحـا يستريحون فيه في دعوتهـم على إختلاف مشاربهم ، فإنـَّه ما ضيَّق أحـدٌ واسعـا إلاّ ضيّق الله عليه ، وما شقّ راعٍ على رعية إلاَّ شقَّ الله عليه .
وأن تراعي تعطش الشباب للجهـاد ، لاسيمـا في ظـلِّ ما يقع على الأمـّة من مصائب ، وأن تسلك معهم سبيل الحوار ، لإقناعهم بالإبتعاد عن الشذوذ ، والغلوّ ، الذي انتشر في بعض ساحات الجهاد الأخرى ، فإنَّ سبيل العنف في حـلّ هذه المعضلة سيزيدها أوار نارِهـا .
ولهذا أقـترح أن يتمَّ تشكل لجنة من العلماء من داخل فلسطين وخارجها ، في مساع حميـدة لطيّ صفحة ما جرى من الفتنة ، وإخراج كلِّ الشباب من السجون ، ومعالجة الجراح ، وأن يُودى القتلى ، ويُدعى لهم ، ليفضي الناس بعد نزغ الشيطان ، إلى رحابة الأخـوّة ، وبعد صورة الدماء ، إلى سلامة الصدور ، لتتحد البنادق كلُّها نحو العدوّ ، وليخسأ دعاة الفتـنة ، ويرتد كيدُهم في نحورهـم ، ويأوي الناس إلى جماعة ورحمة ، قبل أن تأخذهـم سيوف فتنة ، لا يفيقون بعدها إلاّ في أحضان بني صهـيون.
والله حسبنا ونعم الوكيل ، نعم المولى ، ونعم النصيــر.

Labels: ,