الاختلاف (1)ـ

السلام عليكم

حقيقة من اشد ما تعاني منه الامة الاسلامية والصف الاسلامي الان هو عدم فهم الاختلاف.. والفجور في الخصومة.. وقبول الاخر...!

بل وحتى المنادون بهذه الامور تجد اكثرهم يقعون فيها عند اول راي يخالف رايه للاسف الشديد..!

وقد يكون الامر خطراً اذا لم اقبل الحق من رايي يخالف رايي لكنه يكون اشد خطورة حين اطعن في المخالف لي "وان كان الحق معي".. ويكون الامر اشد خطورة ايضاً اذا لم اعد اقبل الراي الا من مذهب معين او اتجاه معين والتعصب بل وتقديس هذا الاتجاه والقول بعصمته كما يقول الشيخ حفظه الله هنا..!

وهو مردود عليه جملة وتفصيلاً..اذ يقول الشيخ ان دعوة السلفين معصومة بالوحي.. طيب هل الاخوان او غيرهم من الجماعات الاسلامية لديهم وحي اخر مثلاً..! الاتجاه السلفي هذا كما يوصف هو بانه الدعوة الى القران والسنة بفهم سلف الامة.. فبالتالي حين نتكلم في الواقع مثلاً نحن نتكلم في متغيرات وليس ثوابت.. فبالتالي القول بعصمة اتجاه او منهج معين هو قول في رايي غير صحيح بل وغير واقعي

كمثال شيخنا الفاضل وقوله بعصمة الاتجاه السلفي "نسبة الى الفكر الموجود اصلاً.. فلو افترضنا ان هناك مسائل فيها نصوص من القران والسنة او تكلم فيها واجمع جمهور العلماء..فهذه لاشك ثابتة .. لكن هناك مسائل جدت بحكم تغير الزمان والمكان وربما تتعدد فيها الاراء ويستخدم فيها القياس وتخرج اراء عدة داخل المنهج والاتجاه الواحد ما بين خطا وصحيح واكثر صحة.. فكيف نقول وقتها بعصمة المنهج وقصرها على اناس فقط دون اخرين.. العصمة هذه حين نكون نتكلم عن امور قطعية فهذه لا خلاف عليها وليست مقتصرة على المنهج السلفي فقط.. انما هي تشمل كل مسلم لانها ثوابت كل مسلم من الكتاب والسنة واجماع العلماء.. اما امور فيها اجتهاد فكيف نقول بعصمتها..والقول بالعصمة هذا من اخطر الامور اذ يجعل الشخص ياخذ براي منهجه فقط وان كان خاطئاً ويبعتد عن راي كل منهج اخر وان كان صواباً..!!!!!!!

ثم يقول الشيخ حفظه الله ان الدعوة السلفية ليس لها منظر.. وكان المنظر هذا ياتي بدين جديد.. كل ما يفعله المنظر هو اسقاط الدين على الواقع من وجهة نظره ومواجهة الواقع بانسيابية تتفق مع علم شرعي منضبط كما فعل بن تيمية وابن القيم ومحمد بن عبدالوهاب -- يعني ما فرق محمد بن عبدالوهاب او ابن تيمية عن باقي علماء عصرهم السلفين مثلا..! فهم يصنفوا في حكم منظرين وان اختلفت الالقاب..!

الامر الاخر مسالة الاستعلاء على ابناء الصف الملتزم من وجهين:الوجهة الاولى انه سلفي يبقى كل الاخرين غير سلفين.. وكل غير سلفي هو ضال مضل. وهذا خطا لا يغفر.. اذ من الاصل كل مسلم ينبغي ان يكون سلفياً.. فان لم يتبع الصحابة والسلف الصالح في دينه فمن سيتبع؟ لكن الفكرة ربما تكون لديه نظرة اخرى تخالف نظرة من ينتسبون للسلفين للواقع.. بل حتى لو نظرنا الى داخل الاتجاه السلفي نفسه لوجدنا عشرات الاختلافات تنبع من اختلاف الرؤية.. فبالتالي ليس معنى كوني انتمي الى الاخوان انى اتبع مذهب يخالف مذهب السلف.. انما فقط ربما لي فهم يختلف قليلاً عن فهم ما يسمى "بالسلفين" المتواجدين حالياً..!

والوجهة الاخرى: انه ليس معني كون البعض اخوانياً انى الي فاهم كل شئ والسلفين هؤلاء ناس مش فاهمين حاجة وقاعدين في الخيمة بتاعتهم ولا يفقهون في الواقع شيئا وسلبين ولا يقدمون للواقع او الامة شيئاً لمجرد انهم لا يدخلون الانتخابات مثلا..!

فبالتالي من اشد الامور خطورة هو التعصب وقدسية المذهب وعدم قبول اراء من خارج هذا الاتجاه..!

ساحاول التركيز في هذه المقالات على اتجاهين اثنين:

اولاً: توضيح ان هناك عمالقة من كبار علماء المسلمين قد اخطاوا واخطاء عظيمة وربما في العقيدة ولكن لم يبدعهم احد من العلماء ولم ينتقص من قدرهم ولم يسبوا ويشتموا وووو فاولى بنا ان نسلك منهجههم ونسير على خطاهم..!

ثانياً:اسقاط هذا على واقعنا الان وما يحدث فيه..!

الاول: امثلة من اخطاء عمالقة علماء المسلمين:

في الحقيقة كنت اود ان اورد الاخطاء واورد بعدها اقوال الائمة والامة في هؤلاء العظام ولكني وجدت الثانية اكثر من ان تحصى.. فاهملتها لانه لا ينكر عاقل فضل هؤلاء الائمة الذين سيتم ذكر اسمائهم..!

ابن عباس حبر الامة رحمة الله عليه يقول بجواز نكاح المتعة وربا الفضل "وان كان يروى رجوعه عنهما"

قول الحنفية بجواز نكاح المراة بدون ولي وهو مصادم للحديث الصحيح " أَيُّمَا امرأةٍ نُكِحَتْ بغَيْرِ إذْنِ وَلِّيها فنِكاحُها بَاطلٌ –ثلاثاً"

وقول بن حزم بجواز المعازف وسماعها وهو مصادم للحديث الصحيح في البخاري " لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِى أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ "

وايضاً مذهب الاشاعرة المخالف لعقيدة اهل السنة في بعض المسائل..وهؤلاء العلماء قد وافقوا هذا المذهب في كثير من اقواله مثل ابن جحر والنووي والبيقهي والعز بن عبدالسلام وابن عساكر والسبكي والسيوطي والسلطان الناصر صلاح الدين وغيرهم من اعلام امة الاسلام الذين لا يشك عاقل في عظم حجم ما قدموه للاسلام...!!

قول الامام بن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله بفناء النار لانه لو كان العذاب مخلداً لم تكن هناك رحمة مخالفاً لنص الاية "خالدين فيها ابدا".. وفي هذا يقول الامام الالباني رحمه الله في مقدمة كتاب (( رفع الأستار )) ص 25 ما نصه :
" فكيف يقول ابن تيمية ( ولو قدر عذاب لا آخر له لم يكن هناك رحمة ألبته) ! فكأنَّ الرحمة عنده لا تتحقق إلا بشمولها للكفار المعاندين الطاغين! أليس هذا من أكبر الأدلة على خطأ ابن تيمية وبُعده هو ومن تبعه عن الصواب في هذه المسألة الخطيرة؟" انتهى كلام الألباني .

و عمر بن الخطاب يختلف مع عبد الله بن مسعود اختلافات يحصيها بعض العلماء كابن القيم فتبلغ ( 100) مسألة .

وها هو فها هو شريح ينكر صفة من صفات الله، ويجمع أهل العلم على إمامته، فلا يُبدّع ولا يُفسّق ولا يُكفّر،

ويقول ابن القيم عن الهروي الذي نقى كتابه منازل السائرين وسماه مدارج السالكين بين منازل اياك نعبد واياك نستعين ليكون من اعظم كتب علم القلوب..

يقول الامام الهروي امور غاية في الخطورة يصفها الشيخ ياسر برهامي بالضلال المبين فيقول ان مشاهدة العبد للحُكم لم يدع له استحسان حسنة ولا استقباح سيئة

ان الرجاء من الرعونة والتوكل اوهى منازل الخاصة..!

ويقول ابن القيم عنه ويصفه بشيخ الاسلام..!

وانظروا الى حديث بن تيمية ووصفه لعبدالقادر الجيلاني "المنسوب اليه وحدة الوجود" واقتباسه منه في بعض الاجزاء التى لا تخالف منهج اهل السنة يصفه ابن تيمية بالشيخ الامام...!

بل انظر الى كلام ابن حنبل رحمه الله في جواز مشاهدة ما جاوز الوجه والكفين.. يقول ابن الجوزي في صيد الخاطر "وقد نص احمد على جواز ان يبصر الرجل من المراة التى يريد نكاحها ما هو عورة يشير الى ما يزيد على الوجه".. طبعة دار الحديث ص 43

ولو جئت للمعاصرين...ابن باز وابن عثيمين رحمهم الله اجازا في حرب الخليج الاولى الاستعانة باهل الكفل من الامريكان ومن والاهم ضد اهل العراق.. في مخالفة واضحة لارى اغلب اهل العلم وقتها وفي مقدمتهم ناصر العمر وسلمان العودة والقرني "وقد سجن سلمان العودة بسبب رفضه هذا خمس سنوات في سجون طاغية السعودية الذي يدعي زوراً وبهتاناً تحكيم الشريعة"..

الشيخ يعقوب حفظه الله في وسط معمة غزة السابقة ظهر على قناة الناس ليطعن في المجاهدين وحماس و"صواريخهم الي متخرمش حيطة" على حد وصفه..وكذلك في شريط اخر له تهجم على المجاهدين في العراق وفلسطين بدعوى انهم يقاتلون دون راية...! "هل وضحت الفكرة هنا بشان عصمة المنهج..وكيف هي مردودة على الشيخ حفظه الله"..!

هذه غيض من فيض وان زاد احدكم في البحث لوجد العجب العجاب واخطاء لعلماء من اكبر علماء الاسلام.. فهل يستطيع احد ان ينطق عليهم كلمة واحدة الا انسان ضال ضلالاً مبينا..!

وغيرهم الكثير والكثير من اخطاء اهل السلف والخلف فلن تجد شخصاً الا ولديه اخطاء.. وربما في بعضها اخطاء جسيمة لا تكاد تتخيل ان يقع فيه رجل بوزن هذا الرجل في مثل هذا الخطا..لكن لا يوجد من هو معصوم.. والجميع لديه اخطاء.. فهؤلاء السابقون من اهل السلف هم اعلام الاسلام وقادته وعلماءه الذين مازلنا نتعلم منهم ومن كتبهم ومن سيرهم ولا يطعن فيهم الا جاهل ضال...!

هم اخطاوا في اجزاء نعم.. لكنها لا تكاد تذكر مقابل حسناتهم.. فهم في مناطق اخرى كانوا من اكبر الواقفين على الثغرات واسدوا للاسلام ما لم يستطيع الوف ان يفعلوه. وبهم قامت دعوة الاسلام واشتد عودها ولازالوا حتى الان المنبع الاساس لكل العلوم الشرعية..!

فاذا كان هؤلاء العمالقة قد اخطاو اخطاء مثل هذه.. الا يعذر بعضنا بعضاً في اخطاء لا تقارب باى حد من الاحوال هذه...!

يعني اعتقد اننا لو نظرنا الى اخطاء من ننظر اليهم نظرة غضب واستعلاء وربما غيظاً... لوجدناها حتماً اقل من هذه الاخطاء السابقة.. لكننا نسب ونشتم ونلعن ونلغي الاخر وكل ما فعله وما يفعله لمجرد خطا صغير..!

الا نرحم بعضنا.. الا نحترم الاخر وان اخطا..!

ما يحدث على الساحة الان ليس من المنهج الاسلامي في شئ والله..!

يكفينا دخولاً في النوايا.. يكفينا هجوماً على الاخرين.. يكفينا تصيداً للاخرين.. يكفينا الغاء للاخر لمجرد انه ينتمي الى منهج مخالف..!

هناك اخطاء لاشك تحدث... وربما اخطاء منهجية اصلاً.. وربما اكون مختلفاً مع فكر الاخر تماماً.. لكن هذا لا يعني ان الغيه او اطعن فيه او لا اخذ منه الحسن لديه..!

يا اخوانا ده البخاري روى في صحيحه عن بعض الرواة ممن ينتمون الى الخوارج "لكن في امر لا يوافق بدعته"..!

وابن تيمية يقول عن المعتزلة والجبرية اننا ناخذ الحق الذي عند كل طائفة منهم فيجتمع الحق عندنا ونرد الباطل الذي عندهم فنصل الى النجاة من البدع.. وهذا قوله عن المعتزلة والجبرية واخطائهم العقدية الرهيبة... ونحن نرفض فعل ذلك مع ابناء الصف الملتزم من اهل السنة والجماعة لمجرد انهم يختلفون معنا في الراي او ينتمون لفكر مخالف..!!!!!

وكل ما سبق لا يعني ان نترك الخطا بدعوى الحرية واحترام والاخر وغيره.. لا الخطا خطا يجب توضيحه حيثما كان ومهما كان صاحبه.. لكن القصة كلها في كيفية التعامل مع المخطا نفسه..!!

**ملاحظة: هذا الكلام موجه لابناء الصف الملتزم العاديين الذين تحدث منهم هذه الاخطاء والكاتب اولهم... وليست موجهة قطعاً لاصحاب الفكر الضال الذين كل عملهم في انتقاص قدر العلماء والبحث عن اخطائهم بدعوى الجرح والتعديل من المدخلية والجامية والقوصية وغيرهم هداهم الله.. وهو الذي يسميه الشيخ ياسر برهامي الغش والتدليس وليس الجرح والتعديل كما يوهم هؤلاء انفسهم..!

ونستكمل الحديث باذن الله قريباً نسال الله التيسير في الوقت وان يرزقنا الفهم والعمل..!

بالطبع ارحب باى تعليق او نقد او اضافة .. جزاكم الله خيرا