الاقصى
#navbar-iframe { height: 0px; visibility: hidden; display: none; }

Sunday, December 13, 2009

عرس العودة..!

السلام عليكم.. كالعادة اود الاعتذار عن الانقطاع اسال الله عزوجل ان يبارك في الوقت...!
في الحقيقة كنت اود ان اكتب ولو سريعاً عما حدث في رفح بغزة بين حماس وجند الله او اكمل في مسالة الاختلاف... لكن هذا المقال وهذه القطعة الادبية باذخة الثراء جعلتنى اتوقف مراراً ومراراً امامها.. فهي تروي بالدماء والتضحية والبذل قصتهما... لتتعلم منها الاجيال بعد ذلك..لم يكن امامي وقتها الا النقل.. كما هو وتاجيل كل ما عدا هذا الموضوع..!
اترككم معها.. لترويها بنفسها.. وكما قال احدهم.. الفجر لا يولد إلا من رحم العتمة وحلكة الليل، والحب لا تشع أنواره ولا تفوح عطوره إلا بعد احتراق الروح هياماً وصبابة ولوعة، وذوبان النفس ترقباً واشتياقاً...
أمام هذه النهايات السعيدة تغالب الابتسامة الدموع وترتسم على المحيا فرحاً وابتهاجاً وأملاً في غدٍ أجمل يمحو كل آلام الأيام الماضية..
اترككم مع الحكاية.. ترويها لنا اختنا الفاضلة ديما.. بقلمها..!

إن الورود البهية التي نحب منظرها لم تخرج إلا بشق الأرض! وكذا هي أجمل اللحظات..تأتي بطعمها الحلو بعد أن تنشق أرواحنا تعباً ومرارة.. وقتها تصبح أصوات الأفراح في قلوبنا أهازيج يسمعها الكون ويشاركنا العالم في إنشادها..!
لا بأس أن نسكب الكثير من الدموع الورود تحتاج من الماء أكثر حتى نرويها ثم نستمتع بمنظرها الخلاب الآسر..

كثيراً ماكنت أكتب عن"العودة" كحلم جميل لم يخطر ببالي أن يصبح واقعاً، وما أصعب أن نتأرجح بين تحقيقه وعدمه!

بعد أن هربت عيون أمي مني خوفاً من سكب الدموع لحظة الوداع تزفني دعواتها الطيبة إلى قطعة من الجنة..
تشيح بوجهها عني فإذا أدرت وجهي جعلت تحدق بي حتى ترتوي وإذا أدرت وجهي صوبها غادرتني..
وقلبها معي!

تقودني الخطوات إلى بوابة سوداء مسدوده أكل الصدأ قفلها وأغلقت طويلاً فدارت برأسي آيات "إنا فتحنا لك فتحاً مبينا"..إلى معبر رفح..
لا أدري أهو معبر للموت أم للحياة! هناك لا فرق بينهما!! فلكلاهما نزعات تقودك إلى حشرجة قد تنجو منها إلى خيط نور أو تهلك بها وعليك السلام..!

على أعتاب الجنة..!
بيني وبين غزة مرمى حجر..أعيش لحظات صعبه هي من أصعب اللحظات التي عشتها، فما بين تحقيق حلم العودة وعدمه شعرة فاصله تهتز بينهما، ولسان حالي يردد "وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فم لا يبصرون"
كان زوجي بجانبي كتفاً قوياً أستند عليه، لم تفارق يده كفي وهو يقبضها برقة تارة وبقوة تارة أخرى وكأنه يضخ إلى قلبي نبضات تهيء لي ابتلاع الرد أياً كان!!

صورة غزة في مخيلتي هل أعود إليها أم أرجع بحلمي المكسور!
مضت ساعات أحسبها بدقة فكل دقيقة تمضي تزيد من حرارة شوقي، خمس ساعات ونحن على رصيف المعبر، قطع الاتصال مع الأهل والأحبة، غرباء في وحدة دامسه، ليس لنا إلا الله..
الساعة 12 ليلاً السماء سوداء و البوابة سوداء و كأننا ببطن الحوت، صمت، صمت عميق، إلا من ترداد "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين"
حتى وصل الرد .. جسد ضخم على كتفه زخارف، كل الذين مر عليهم كانو يضربون الأرض بأقدامهم ثم يلوحون بأياديهم تلقائياً ودون تردد! وجه جامد ليس فيه ملامح تدل على شيء و كأنه علامة تعجب كبيرة متحركه ! انتظرته حتى يتحدث وفي نفسي أقول: بالله عليك قل أي شيء بدد هذا الصمت أياً كان الرد الذي تحمله..!
حتى نطق أخيراً!! بلكنته المصرية هتف لزوجي ثم قال له بجدية تامة: أنت بتدخل ومافيش مشكله أما مراتك ...للأسف....!
قال للأسف وانتفضت روحي، جسدي متعب وقلبي متعب أكثر ولا أستحمل كلمة أخرى تزيد من همي! ..للأسف ماذا؟؟ هل يعدم حلمي ؟ هل يتحقق؟
أكمل جملته: للأسف -تحرك الوجه الجامد بما يشبه الابتسامة- ح تدخل معاك..!
لم أرى مزحة أثقل من هذه..!!
لا شعورياً أطلقت عيوني العنان للبكاء..والتصقت بكتف زوجي حتى صرت قطعةً منه..

و فتحت الأبواب!!

كغزالة فرت بحنينها وشوقها إلى أرضها فرت روحي..إلى الله إلى أرض الرباط والجهاد في سبيل الله..إلى أرض العزة..
فطاب السجود والتزين بغبارها و الاكتحال بالعودة إليها برأس مرفوع وهامة عالية، معززة مكرمة أزف عروسة للعودة و مثل حي يحدثكم عن ديار الأجداد و خندق الكرامة..

أول خطوة خطوتها على ترابها كانت تسير باتجاه مقعد زوجي المتحرك لأقوم بالعمل الذي أحبه والجهاد الذي اخترته لنكمل مسيرة التحدي وأنقله بنفسي إلى أرضنا الحبيبة التي ضحى لها بقدميه حتى ينال رضى الله، و قدمت عمري له حباً لتضحيته..!