لقاء مع صديق

لقاء مع صديق*

 

صديقي..

يتنمى الى احدى العائلات الثرية.. عائلته لها علاقات واسعة برموز المجتمع السياسية والمالية بمصر.. هو احد المسئولين عن منظمة سيدس اوف بيس في مصر.. وعضو فعال في الروتاكت (وهي الجزء الشبابي من منظمة الروتاري العالمية)….غير ملتزم ..

 

لم تكن صداقتي عميقة بصديقي.. اول مرة شاهدته كان يتكلم مع اصدقاء لنا عن الروتاكت وعن انشطته الخيرية الكثيرة على حد رايه..ساعتها استمعت بصمت اليه وهو يتكلم عن تشجير الشوارع ودهان المدارس وشراء اجهزة للمستشفيات وووو…

 

حتى قابلته يوماً في احد المطاعم المشهورة.. واثناء طلبنا للاكل.. كانت شاشة المطعم مفتوحة صدفة على الجزيرة.. وكانت اللقطة المؤلمة لمصور قناة الاقصى التابعة لحماس وضرب الصهاينة له بالرشاشات الثقيلة.. كانت اللقطة في غاية الالم.. وقفنا مذهولين ثم اخذنا الاكل وجلسنا معاً…

ثم بدأ يقول لي "لحد امتى هيحصل في فلسطين كده.. يقعدوا يقتلوا في بعض"..

كانت هذه فرصة لبدا الحوار.. قلت له ما رايك انت فيما يحدث؟؟ قال لي نعم ادرك ان هناك خونة ووو لكن هناك حلول غير هذا..

قلت له لنرجع قليلاً للوراء.. الان حماس ممسكة بالحكم ولا سلطات لها.. فتح تاخذ كل الصلاحيات... خونة فتح يتلقون الدعم الاميريكي والاسلحة والدولارات الامريكية والتدريب المصري والاردني للقضاء على حماس.. تصبر حماس.. يبداون في قتل مجاهدي حماس غيلة وغدراً واحداً تلو الاخر.. وحماس تتمسك بضبط النفس .. ومن اتفاق الى اتفاق ولا التزام من قبل الخونة .. قلي اذاً ماذا تفعل  لو كنت مكان حماس وكلما تلتزم باتفاق ينقضوه لانهم يتلقون اموامرهم من عدوك اصلاً؟؟ قال لي انا معك في كل هذا ولكنى اعتقد ان هناك حل.. قلت له قلي ما هو؟؟؟؟  اخذ يفكر وقال لا انا لا انكر ما فعلته حماس.. لكنى احاول البحث عن ضرر اقل ولا اجد ولكني موقن بان هناك ضرر اقل ولكني في نفس الوقت التمس لحماس العذر...

اخذنا نتناقش لفترة طويلة.. وفوجئت بانه على دراية كبيرة بالسياسة وعلى اطلاع كبير بالوضع السياسي الفلسطيني والمصري والعالمي.. على غير ما ظننت.. لان اغلب الشباب من الممكون ان يكون لديه اطلاع متوسط او كبير بالوضع السياسي المصري لكنه جاهل تماماً بالوضع السياسي العالمي والعربي..

فسالته. فقال لي اناعضو منذ ثمان سنوات في منظمة شبابية اسمها ""seeds of peace.. كنت قد سمعت عنها من قبل.. ولكنى طلبت منه تعريفي بها.. قال لي هي منظمة شبابية تعني بالحوار بين شباب الشرق الاوسط.. فتاخذ شباب من فلسطين واسرائيل والاردن ومصر وبعض دول المغرب العربي في معسكر سنوي الى احد المنتجعات في امريكا ويقيموا جلسات حوار بينهم.. قلت له شئ من التفصيل....

قال لي يتم اختيار قرابة 12-14 شاب وفتاة من ثانوي كل عام باختبارات يجرونها منها اختبارات تجرى في وزارة الخارجية .. لان هذه مسالة امن قومي على حسب ما يقول..

ثم نعطي نحن القدام لهؤلاء الجدد دورات في السياسة وكيفية التعامل والكلام ووو..  قلت له وبعد السفر؟؟ قال لي نسافر قرابة الاسبوعين.. منها اول اربع او خمسة ايام خروج ورياضة فقط لاذابة الجليد بين الشباب.. يعني المصري يحس ان الاسرائيلي صديقه والاردنية تحس ان الاسرائيلي ده مش عدوها وانما انسان وما الى ذلك.. ثم بعد ذلك تكون هناك جلسات للحوار لعلنا نصل الى حل لقضايا اللاجئين والقدس والاسرائيلين.. قلت له والام وصلتم؟؟ قال لي وصلنا الى مراحل متقدمة مثل انه يجب ان تكون القدس الشرقية مدينة دولية لا للفلسطينين ولا للاسرائيلين.. قلت له وماذا ايضاً... قال كنا نحاول الوصول الى حل وسط يرضى اللاجئين وفي نفس الوقت الاسرائيلين وخصوصاً الجيل الجديد الذي لم يعد له مكان يسكن فيه... قلت له ولم على ارضى؟؟ قال هذا واقع ويجب ان نرضى به.. مع انه حقنا.. قلت له وهل ترضى ان يحدث هذا في سيناء؟؟  قال لي سيناء وضع مختلف...

ومن هذه النقطة انتقلنا الى حماس..  قال لي ارى ان حماس تجاوز المعقول وتطلب المستحيل وتفعل ضرباً من الخيال.. قلت له ااصبح طلب ارضي مستحيلاً.. قال لى يجب ان ترضى بالواقع الان انت ضعيف فتكلم بما يتناسب مع قوتك ثم بعد ان تقوى اطلب باقي ارضك.. قلت له يعني انت مع اتفاقية اوسلو؟ قال تعم... قلت اذان ماذا حققت اوسلوا من 93 ختى 2005؟؟؟ من المفاوضات والتنازل والذل والعار؟؟ صمت ولم يجب.. قلت له لم تححق شيئاً وفي خمس سنوات من الانتفاضة تحررت غزة.. ولن يحرر الباقي الا المقاومة..

قلت لو وما هدفكم في هذه المنظمة؟ قال نريد ان نفعل شيئاً لا ان نصمت... اغلب من يذهبون الى هذا المعسكر السنوي من المتوقع ان يصبحوا ذوي مناصب في بلادهم وبالتالي عندما يصبح صاحب منصب من المؤكد انه سيتعامل بطريقة مختلفة مع من كان يظن انه عدوه القاتل ثم اتضح له انه انسان عادي واصبح متفهماً اكثر له ولرايه!!

قلت له طيب.. لنفترض انك او احد الذين يذهبون الى المعسكر كل سنة اصبح رئيساً لمصر.. ماذا ستفعل مع الحكام الاسرائيلين مثل شارون ونتنياهو وليفني وباراك واليمين الاسرائيلي الذي يحكم اسرائيل منذ نشاتها.. قال لى ساحاول فعل اى شئ من اجل السلام وان كنت ارى انه من الصعب التعامل مع اليمين الاسرائيلي!!!

قلت له طيب الا تشعر بانكم تذيبون الهوية ويصبح اعدائكم الذين يقتلون ابناء امتنا هو اصدقائنا.. ونلعب ونخرج معهم ونتفهم فكرهم؟؟ قال لي من الممكن ان يحدث هذا ولكن اغلبنا من المتمسكين بهويتنا..

قلت له اذن لخص لى فائدة لهذه المنظمة؟؟ قال نحاول ان نقوم بشئ لما يحدث حولنا.. قلت له اذن هل تعتقد ان امثال هذه المعسكرات ستحدث تغييراً في السياسة؟؟ او هل حوارتكم ستحدث تغييراً لانى لا ارى لها جدوى..قال بالطبع نحن نحاول على الاقل.. قلت هناك طرق اخرى اخرى للمحاولة .. قال هذه هي الطريقة التى امنا بها واقتنعنا بفائدتها

 

 

انتهى الحوار الطويل مع صديقي... بعدها زادت معرفتي به الى حد كبير.. ورايت بعض صوره .. فاردت ان اتعرف اكثر عن شباب هذه المنظمة "المتمسكين بهوياتهم على حسب ما يقول".. الصور تقول عن شباب وبنات غاية في البعد عن الدين والالتزام.. وتقريباً لا حدود عندهم.. ومن العادي الصور بالاحضان والبكيني بين الولاد والبنات وو... في الحقيقة تاسفت على حالنا.. وكيف يختار اعدائنا شباب ويغرونهم بالسفر و الكثير من الاشياء ويذيبون هوياتهم.. ويختارون من يريديون بدقة.. وهم يقولونها صراحى.. يختارون من ربما مركزه الاجتماعي او وزن عائلته المادي او الظروف المحيطة به ستعجله احد اصحاب المناصب الهامة في المستقبل القريب...

 

لا انكر انى استفدت من هذا الحوار.. اذ ربما بهذا الاختلاف الكبير في الراى وهذا الكلام الذي يقوله.. ربما لو كان هذا على الانترنت مثلاً كان زمانه اطحنJ.. لكن عند الجلوس معه تحاول ان تتفهم وجهة نظره التى لا يقبلها عقل سوي محب لوطنه عاشق لامته.. وتتحاور معه بكل هدوء وتساله اسئلة في صميم الموضوع ولا يستطيع الاجابة ليعرف انه على خطا ويعيد التفكير.. ايضاَ الذي لاحطته من هذا الصديق الليبرالي المتشدد انه يتفهم موقف حماس الى حد كبير.. بينما عندنا كثير من الملتزمين عن اول كبوة طعنوا في حماس وتخلوا عنها في بداية الطريق...

 

وزادت حسرتي اكثر علينا كملتزمين لم نصل الى هؤلاء.. او بالاصح لم نرد ان نتعب انفسنا معهم.. فنحن فقط نعمل مع الي سهل.. يعني الي عنده استعداد مبداي للعودة لله عزوجل.. اما الضائعين التائهين فلا نحب ان نتعب انفسنا معهم .. لو نظرنا الى اغلبية الملتزمين حالياً لوجدنا البداية كانت في الاغلب تاتي منه في الرغبة في العودة لله عزوجل وبعدها ياتي دور الملتزمين.. لكن في حالات قليلة كانت البداية تاتي منا كملتزمين لدفعه للالتزام؟؟

 

 فاين نحن من هؤلاء؟؟؟

 

عملنا شاق وطويل.. ويحتاج الى الصبر ... والتمسك بمبادئنا واصول ديننا.. والعض عليها بالنواجذ في زمن الفتن هذا.. (يعني مثلاً اذا جائك واحد وقلك عشان نوصل للناس دي صح لازم نحلق ذقوقنا.. فاعلم ان هذا لن يصل الى شئ ولن ينتهي به الطريق الا لمزيد من التنازل دون جني العائد الحقيقي)... ولا يعني هذا انى اقول ان اللحية من الاصول.. لكن ارجعوا لكلمة سيد قطب الرائعة رحمه الله ..." ولكن الانحراف الطفيف في أول الطريق ينتهي إلى الانحراف الكامل في نهاية الطريق ، و صاحب الدعوة الذي يقبل التسليم في جزءٍ منها و لو يسيرًا ، لا يملك أن يقف عند ما سلّم به أول مرة ، لأن استعداده للتسليم يتزايد كلما رجع خطوة إلى الوراء"

 

 

المدونة في اليابانJ

احد المعيدين الذين يعملون مع والدي في الجامعة سافر الى اليابان ليحصل على الدكتوراه وهو ممن اكن لهم حب واحترام شديدين.. ثم جاء في اجازة وجلست معه.. ففوجئت به يقول لي وهو يمزح اهلاً يا شاب مصريJ.. قلتله اهلاً وحضرتك عرفت منين.. قالي اصل مدونتك بقت مشهورة للمصريين الي في اليابان.. ثم ختم بجملة هي ما دفعتني لكتابة هذا.. قال لي وهو يمزح.. بس خلي بالك مش كل السلفيين كده..

اجد نفسي هنا مضطراً لبعض التوضيح فقط.. فقد اعتذرت في مقال سابق عن هذه السلسلة بسبب ان طريقة كتابتي لم تكن بالطريقة الصحيحة للنصحية.. وسيل الهجوم الذي تعرضت له ولازلت اتعرضJ من بعض الناس.. هؤلاء فعلاً هم الذين لا يستحقون الرد وهؤلاء هذه السلسة ابلغ رد عليهم ليعيدوا نظرهم في فكرهم.. كما اوضحت ايضاً ان ليس كل السلفين كده.. وهذا المعيد مثال على ذلك.. فهو متفوق في كليته واستاذ في الجامعة وفي نفس الوقت متخرج من دورة لاحد كبار شيوخ الفقه في مصر وكان الثاني على الدورة.. فهذا النموذج من السلفيين هو الذي نحتاجه اشد الاحتياج الان.. واجد نفسي قريباً جداً من هذا الفكر اقرب من اي وقت مضى.. هذا الفكر الذي ياخذ من ائمة السلف الجمع بين العلم الشرعي والعمل للامة في نفس الوقت.. فهذا توضيح للمرة المليون بشان هذه السلسلة..

واريد فقط ان اعيد جملة كتبتها قبل ذلك في احد المقالات..

"نهضة الامة تقوم على جناحين اثنين... فهم صحيح ودقيق للواقع مع معرفة بالشرع... فاذا اختل احد الجناحين سقط الطائر.. وكذلك نهضة الامة.."

شكر

احب فقط ان اشكر كل من سال عني او ارسل الي بعد البوست الاخير.. حتى الذين ارسلو الى الايميل من خارج مصر.. وخصوصاً المغرب وفلسطين كما اشكر ايضاً كل اخوتي واحبتي في الله الذين سالوا عنى واتصلوا بي ... انا خير ولله الحمد ولكن كان عندي بعض المشاكل..ولم اكن ادون فقط بسبب  انشغالي وعدم تواجدي في البيت بشكل كبير.. جزاكم الله خيراً كثيراً على السؤال..

 

 

* هذا المقال مكتوب منذ فترة ولكني لم اجدالوقت لانزاله سابقاً

 

أحبكم في الله